هل ينظرون أي ما ينتظر كفار مكة المار ذكرهم إلا أن تأتيهم الملائكة لقبض أرواحهم كما روي عن قتادة ، وقرأ ومجاهد حمزة والكسائي وابن وثاب وطلحة «يأتيهم» بالياء آخر الحروف والأعمش أو يأتي أمر ربك
أي القيامة كما روي عمن تقدم أيضا، وقال بعضهم: المراد به العذاب الدنيوي دونها لا لأن انتظارها يجامع انتظار إتيان الملائكة فلا يلائمه العطف بـ أو لا لأنها ليست نصا في العناد إذ يجوز أن يعتبر منع الخلو ويراد بإيرادها كفاية كل واحد من الأمرين في عذابهم بل لأن قوله تعالى فيما سيأتي إن شاء الله تعالى: ولكن كانوا أنفسهم يظلمون
فأصابهم الآية صريح في أن المراد به ما أصابهم من العذاب الدنيوي وفيه منع ظاهر، ويؤيد إرادة الأول التعبير- بـ يأتي- دون يأتيهم، وقيل: المراد بإتيان الملائكة إتيانهم للشهادة بصدق النبي صلى الله عليه وسلم أي ما ينتظرون في تصديقك إلا أن تنزل الملائكة تشهد بنبوتك فهو كقوله تعالى: لولا أنزل عليه ملك [الأنعام: 8] والجمهور على الأول، وجعلوا منتظرين لذلك مجازا لأنه يلحقهم لحوق الأمر المنتظر كما قيل.
واختير أن ذلك لمباشرتهم أسباب العذاب الموجبة له المؤدية إليه فكأنهم يقصدون إيتاءه ويتصدون لوروده، ولا يخفى ما في التعبير بالرب وإضافته إلى ضميره صلى الله عليه وسلم من اللطف به عليه الصلاة والسلام، وسيأتي قريبا إن شاء الله تعالى وجه ربط الآيات ( ذلك ) أي مثل ذلك الفعل من الشرك والتكذيب فعل الذين خلوا من قبلهم من الأمم وما ظلمهم الله إذ أصابهم جزاء فعلهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون بالاستمرار على فعل القبائح المؤدي لذلك، قيل: وكان الظاهر أن يقال: ولكن كانوا هم الظالمين في سورة الزخرف لكنه أوثر ما عليه النظم الكريم لإفادة أن غائلة ظلمهم آيلة إليهم وعاقبته مقصورة عليهم مع استلزام اقتصار ظلم كل أحد على نفسه من حيث الوقوع اقتصاره عليه من حيث الصدور