nindex.php?page=treesubj&link=27521_30578_32409_32473_28987nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=59يتوارى من القوم يستخفي من قومه
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=59من سوء ما بشر به عرفا وهو الأنثى، والتعبير عنهما- بما- لإسقاطها بزعمهم عن درجة العقلاء، والجملة مستأنفة أو حال على الأوجه السابقة في وهو كظيم إلا كونه من وجهه، والجاران متعلقان- بيتوارى- (ومن) الأولى ابتدائية، والثانية تعليلية أي يتوارى من أجل ذلك، ويروى أن بعض الجاهلية يتوارى في حال الطلق فإن
[ ص: 169 ] أخبر بذكر ابتهج أو بأنثى حزن وبقي متواريا أياما يدبر فيها ما يصنع
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=59أيمسكه أيتركه ويربيه
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=59على هون أي ذل، والجار والمجرور في موضع الحال من الفاعل ولذا قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: معناه أيمسكه مع رضاه بهوان نفسه وعلى رغم أنفه، وقيل: حال من المفعول به أي أيمسك المبشر به وهو الأنثى مهانا ذليلا، وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=59أيمسكه معمولة لمحذوف معلق بالاستفهام عنها وقع حالا من فاعل
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=59يتوارى أي محدثا نفسه متفكرا في أن يتركه
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=59أم يدسه يخفيه
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=59في التراب والمراد يئده ويدفنه حيا حتى يموت وإلى هذا ذهب
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة nindex.php?page=showalam&ids=13036وابن جريج وغيرهم، وقيل: المراد إهلاكه سواء كان بالدفن حيا أم بأمر آخر فقد كان بعضهم يلقي الأنثى من شاهق.
روي أن رجلا قال: يا رسول الله والذي بعثك بالحق ما أجد حلاوة الإسلام منذ أسلمت، وقد كانت لي في الجاهلية بنت وأمرت امرأتي أن تزينها وأخرجتها فلما انتهيت إلى واد بعيد القعر ألقيتها فقالت: يا أبت قتلتني فكلما ذكرت قولها لم ينفعني شيء فقال صلى الله عليه وسلم: «
ما في الجاهلية فقد هدمه الإسلام وما في الإسلام يهدمه الاستغفار ».
وكان بعضهم يغرقها، وبعضهم يذبحها إلى غير ذلك، ولما كان الكل إماتة تفضي إلى الدفن في التراب قيل:
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=59أم يدسه في التراب وقيل: المراد إخفاؤه عن الناس حتى لا يعرف كالمدسوس في التراب، وتذكير الضميرين للفظ (ما). وقرأ
الجحدري بالتأنيث فيهما عودا على قوله سبحانه:
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=58بالأنثى أو على معنى ما. وقرئ بتذكير الأول وتأنيث الثاني، وقرأ
الجحدري أيضا،
nindex.php?page=showalam&ids=16747وعيسى «هوان» بفتح الهاء وألف بعد الواو، وقرئ «على هون» بفتح الهاء وإسكان الواو وهو بمعنى الذل أيضا، ويكون بمعنى الرفق واللين وليس بمراد، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش «على سوء» وهي عند
أبي حيان تفسير لا قراءة لمخالفتها السواد
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=59ألا ساء ما يحكمون حيث يجعلون لمن تنزه عن الصاحبة والولد ما هذا شأنه عندهم والحال أنهم يتحاشون عنه ويختارون لأنفسهم البنين، فمدار الخطأ جعلهم ذلك لله تعالى شأنه مع إبائهم إياه لا جعلهم البنين لأنفسهم ولا عدم جعلهم له سبحانه، وجوز أن يكون مداره التعكيس كقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=22تلك إذا قسمة ضيزى ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13366ابن عطية : هذا استقباح منه تعالى شأنه لسوء فعلهم وحكمهم في بناتهم بالإمساك على هون أو الوأد مع أن رزق الجميع على الله سبحانه فكأنه قيل: ألا ساء ما يحكمون في بناتهم وهو خلاف الظاهر جدا، وروي الأول عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي وعليه الجمهور، والآية ظاهرة في ذم من يحزن إذا بشر بالأنثى حيث أخبرت أن ذلك فعل الكفرة، وقد أخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير وغيره عن
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة أنه قال في قوله سبحانه:
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=58وإذا بشر إلخ هذا صنيع مشركي العرب أخبركم الله تعالى بخبثه فأما المؤمن فهو حقيق أن يرضى بما قسم الله تعالى له وقضاء الله تعالى خير من قضاء المرء لنفسه، ولعمري ما ندري أي خبر لرب جارية خير لأهلها من غلام، وإنما أخبركم الله عز وجل بصنيعهم لتجتنبوه ولتنتهوا عنه. واستدل القاضي بالآية على بطلان مذهب القائلين بنسبة أفعال العباد إليه تعالى لأن في ذلك إضافة فواحش لو أضيفت إلى أحدهم أجهد نفسه في البراءة منها والتباعد عنها قال: فحكم هؤلاء القائلين مشابه لحكم هؤلاء المشركين بل أعظم لأن إضافة البنات إليه سبحانه إضافة لقبيح واحد وهو أسهل من إضافة كل القبائح والفواحش إليه عز وجل. وأجيب عن ذلك بأنه لما ثبت بالدليل استحالة الصاحبة والولد عليه سبحانه أردفه عز وجل بذكر هذا الوجه الإقناعي وإلا فليس كل ما قبح منا في العرف قبح منه تعالى، ألا ترى أن رجلا لو زين إماءه وعبيده وبالغ في تحسين صورهم وصورهن ثم بالغ في تقوية
[ ص: 170 ] الشهوة فيهم وفيهن ثم جمع بين الكل وأزال الحائل والمانع وبقي ينظر ما يحدث بينهم من الوقاع وغيره عد من أسفه السفهاء وعد صنيعه أقبح كل صنيع مع أن ذلك لا يقبح منه تعالى بل قد صنعه جل جلاله فعلم أن التعويل على مثل هذه الوجوه المبنية على العرف إنما يحسن إذا كانت مسبوقة بالدلائل القطعية، وقد ثبت بها امتناع الولد عليه سبحانه فلا جرم حسنت تقويتها لهذه الوجوه الإقناعية، وأما أفعال العباد فقد ثبت بالدلائل القاطعة أن خالقها هو الله تعالى فكيف يمكن إلحاق أحد البابين بالآخر لولا سوء التعصب
nindex.php?page=treesubj&link=27521_30578_32409_32473_28987nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=59يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ يَسْتَخْفِي مِنْ قَوْمِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=59مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ عُرْفًا وَهُوَ الْأُنْثَى، وَالتَّعْبِيرُ عَنْهُمَا- بِمَا- لِإِسْقَاطِهَا بِزَعْمِهِمْ عَنْ دَرَجَةِ الْعُقَلَاءِ، وَالْجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ أَوْ حَالٌ عَلَى الْأَوْجُهِ السَّابِقَةِ فِي وَهُوَ كَظِيمٌ إِلَّا كَوْنَهُ مِنْ وَجْهِهِ، وَالْجَارَّانِ مُتَعَلِّقَانِ- بِيَتَوَارَى- (وَمِنَ) الْأُولَى ابْتِدَائِيَّةٌ، وَالثَّانِيَةُ تَعْلِيلِيَّةٌ أَيْ يَتَوَارَى مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ، وَيُرْوَى أَنَّ بَعْضَ الْجَاهِلِيَّةِ يَتَوَارَى فِي حَالِ الطَّلْقِ فَإِنْ
[ ص: 169 ] أُخْبِرَ بِذَكَرٍ ابْتَهَجَ أَوْ بِأُنْثَى حَزِنَ وَبَقِيَ مُتَوَارِيًا أَيَّامًا يُدَبِّرُ فِيهَا مَا يَصْنَعُ
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=59أَيُمْسِكُهُ أَيَتْرُكُهُ وَيُرَبِّيهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=59عَلَى هُونٍ أَيْ ذُلٍّ، وَالْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنَ الْفَاعِلِ وَلِذَا قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا: مَعْنَاهُ أَيُمْسِكُهُ مَعَ رِضَاهُ بِهَوَانِ نَفْسِهِ وَعَلَى رَغْمِ أَنْفِهِ، وَقِيلَ: حَالٌ مِنَ الْمَفْعُولِ بِهِ أَيْ أَيُمْسِكُ الْمُبَشَّرُ بِهِ وَهُوَ الْأُنْثَى مُهَانًا ذَلِيلًا، وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=59أَيُمْسِكُهُ مَعْمُولَةٌ لِمَحْذُوفٍ مُعَلَّقٍ بِالِاسْتِفْهَامِ عَنْهَا وَقَعَ حَالًا مِنْ فَاعِلِ
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=59يَتَوَارَى أَيْ مُحَدِّثًا نَفْسَهُ مُتَفَكِّرًا فِي أَنْ يَتْرُكَهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=59أَمْ يَدُسُّهُ يُخْفِيهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=59فِي التُّرَابِ وَالْمُرَادُ يَئِدُهُ وَيَدْفِنُهُ حَيًّا حَتَّى يَمُوتَ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيُّ nindex.php?page=showalam&ids=16815وَقَتَادَةُ nindex.php?page=showalam&ids=13036وَابْنُ جُرَيْجٍ وَغَيْرُهُمْ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ إِهْلَاكُهُ سَوَاءٌ كَانَ بِالدَّفْنِ حَيًّا أَمْ بِأَمْرٍ آخَرَ فَقَدْ كَانَ بَعْضُهُمْ يُلْقِي الْأُنْثَى مِنْ شَاهِقٍ.
رُوِيَ أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا أَجِدُ حَلَاوَةَ الْإِسْلَامِ مُنْذُ أَسْلَمْتُ، وَقَدْ كَانَتْ لِي فِي الْجَاهِلِيَّةِ بِنْتٌ وَأَمَرْتُ امْرَأَتِي أَنْ تُزَيِّنَهَا وَأَخْرَجْتُهَا فَلَمَّا انْتَهَيْتُ إِلَى وَادٍ بَعِيدِ الْقَعْرِ أَلْقَيْتُهَا فَقَالَتْ: يَا أَبَتِ قَتَلْتَنِي فَكُلَّمَا ذَكَرْتُ قَوْلَهَا لَمْ يَنْفَعْنِي شَيْءٌ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «
مَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَقَدْ هَدَمَهُ الْإِسْلَامُ وَمَا فِي الْإِسْلَامِ يَهْدِمُهُ الِاسْتِغْفَارُ ».
وَكَانَ بَعْضُهُمْ يُغْرِقُهَا، وَبَعْضُهُمْ يَذْبَحُهَا إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ، وَلَمَّا كَانَ الْكُلُّ إِمَاتَةً تُفْضِي إِلَى الدَّفْنِ فِي التُّرَابِ قِيلَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=59أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ وَقِيلَ: الْمُرَادُ إِخْفَاؤُهُ عَنِ النَّاسِ حَتَّى لَا يُعْرَفَ كَالْمَدْسُوسِ فِي التُّرَابِ، وَتَذْكِيرُ الضَّمِيرَيْنِ لِلَّفْظِ (مَا). وَقَرَأَ
الْجَحْدَرِيُّ بِالتَّأْنِيثِ فِيهِمَا عَوْدًا عَلَى قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=58بِالأُنْثَى أَوْ عَلَى مَعْنَى مَا. وَقُرِئَ بِتَذْكِيرِ الْأَوَّلِ وَتَأْنِيثِ الثَّانِي، وَقَرَأَ
الْجَحْدَرِيُّ أَيْضًا،
nindex.php?page=showalam&ids=16747وَعِيسَى «هَوَانٍ» بِفَتْحِ الْهَاءِ وَأَلِفٍ بَعْدَ الْوَاوِ، وَقُرِئَ «عَلَى هَوْنٍ» بِفَتْحِ الْهَاءِ وَإِسْكَانِ الْوَاوِ وَهُوَ بِمَعْنَى الذُّلِّ أَيْضًا، وَيَكُونُ بِمَعْنَى الرِّفْقِ وَاللِّينِ وَلَيْسَ بِمُرَادٍ، وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=13726الْأَعْمَشُ «عَلَى سُوءٍ» وَهِيَ عِنْدَ
أَبِي حَيَّانَ تَفْسِيرٌ لَا قِرَاءَةٌ لِمُخَالَفَتِهَا السَّوَادَ
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=59أَلا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ حَيْثُ يَجْعَلُونَ لِمَنْ تَنَزَّهَ عَنِ الصَّاحِبَةِ وَالْوَلَدِ مَا هَذَا شَأْنُهُ عِنْدَهُمْ وَالْحَالُ أَنَّهُمْ يَتَحَاشَوْنَ عَنْهُ وَيَخْتَارُونَ لِأَنْفُسِهِمُ الْبَنِينَ، فَمَدَارُ الْخَطَأِ جَعْلُهُمْ ذَلِكَ لِلَّهِ تَعَالَى شَأْنُهُ مَعَ إِبِائِهِمْ إِيَّاهُ لَا جَعْلُهُمُ الْبَنِينَ لِأَنْفُسِهِمْ وَلَا عَدَمُ جَعْلِهِمْ لَهُ سُبْحَانَهُ، وَجُوِّزَ أَنْ يَكُونَ مَدَارُهُ التَّعْكِيسَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=22تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13366ابْنُ عَطِيَّةَ : هَذَا اسْتِقْبَاحٌ مِنْهُ تَعَالَى شَأْنُهُ لِسُوءِ فِعْلِهِمْ وَحُكْمِهِمْ فِي بَنَاتِهِمْ بِالْإِمْسَاكِ عَلَى هُونٍ أَوِ الْوَأْدِ مَعَ أَنَّ رِزْقَ الْجَمِيعِ عَلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ فَكَأَنَّهُ قِيلَ: أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ فِي بَنَاتِهِمْ وَهُوَ خِلَافُ الظَّاهِرِ جِدًّا، وَرُوِيَ الْأَوَّلُ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيِّ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ، وَالْآيَةُ ظَاهِرَةٌ فِي ذَمِّ مَنْ يَحْزَنُ إِذَا بُشِّرَ بِالْأُنْثَى حَيْثُ أَخْبَرَتْ أَنَّ ذَلِكَ فِعْلُ الْكَفَرَةِ، وَقَدْ أَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنُ جَرِيرٍ وَغَيْرُهُ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16815قَتَادَةَ أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=58وَإِذَا بُشِّرَ إِلَخْ هَذَا صَنِيعُ مُشْرِكِي الْعَرَبِ أَخْبَرَكُمُ اللَّهُ تَعَالَى بِخُبْثِهِ فَأَمَّا الْمُؤْمِنُ فَهُوَ حَقِيقٌ أَنْ يَرْضَى بِمَا قَسَمَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ وَقَضَاءُ اللَّهِ تَعَالَى خَيْرٌ مِنْ قَضَاءِ الْمَرْءِ لِنَفْسِهِ، وَلَعَمْرِي مَا نَدْرِي أَيَّ خَبَرٍ لَرُبَّ جَارِيَةٍ خَيْرٌ لِأَهْلِهَا مِنْ غُلَامٍ، وَإِنَّمَا أَخْبَرَكُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِصَنِيعِهِمْ لِتَجْتَنِبُوهُ وَلِتَنْتَهُوا عَنْهُ. وَاسْتَدَلَّ الْقَاضِي بِالْآيَةِ عَلَى بُطْلَانِ مَذْهَبِ الْقَائِلِينَ بِنِسْبَةِ أَفْعَالِ الْعِبَادِ إِلَيْهِ تَعَالَى لِأَنَّ فِي ذَلِكَ إِضَافَةَ فَوَاحِشَ لَوْ أُضِيفَتْ إِلَى أَحَدِهِمْ أَجْهَدَ نَفْسَهُ فِي الْبَرَاءَةِ مِنْهَا وَالتَّبَاعُدِ عَنْهَا قَالَ: فَحُكْمُ هَؤُلَاءِ الْقَائِلِينَ مُشَابِهٌ لِحُكْمِ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ بَلْ أَعْظَمُ لِأَنَّ إِضَافَةَ الْبَنَاتِ إِلَيْهِ سُبْحَانَهُ إِضَافَةٌ لِقَبِيحٍ وَاحِدٍ وَهُوَ أَسْهَلُ مِنْ إِضَافَةِ كُلِّ الْقَبَائِحِ وَالْفَوَاحِشِ إِلَيْهِ عَزَّ وَجَلَّ. وَأُجِيبَ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّهُ لَمَّا ثَبَتَ بِالدَّلِيلِ اسْتِحَالَةُ الصَّاحِبَةِ وَالْوَلَدِ عَلَيْهِ سُبْحَانَهُ أَرْدَفَهُ عَزَّ وَجَلَّ بِذِكْرِ هَذَا الْوَجْهِ الْإِقْنَاعِيِّ وَإِلَّا فَلَيْسَ كُلُّ مَا قَبُحَ مِنَّا فِي الْعُرْفِ قَبْحُ مِنْهُ تَعَالَى، أَلَا تَرَى أَنَّ رَجُلًا لَوْ زَيَّنَ إِمَاءَهُ وَعَبِيدَهُ وَبَالَغَ فِي تَحْسِينِ صُوَرِهِمْ وَصُوَرِهِنَّ ثُمَّ بَالَغَ فِي تَقْوِيَةِ
[ ص: 170 ] الشَّهْوَةِ فِيهِمْ وَفِيهِنَّ ثُمَّ جَمَعَ بَيْنَ الْكُلِّ وَأَزَالَ الْحَائِلَ وَالْمَانِعَ وَبَقِيَ يَنْظُرُ مَا يَحْدُثُ بَيْنَهُمْ مِنَ الْوِقَاعِ وَغَيْرِهِ عُدَّ مِنْ أَسْفَهِ السُّفَهَاءِ وَعُدَّ صَنِيعُهُ أَقْبَحَ كُلِّ صَنِيعٍ مَعَ أَنَّ ذَلِكَ لَا يُقْبَحُ مِنْهُ تَعَالَى بَلْ قَدْ صَنَعَهُ جَلَّ جَلَالُهُ فَعُلِمَ أَنَّ التَّعْوِيلَ عَلَى مِثْلِ هَذِهِ الْوُجُوهِ الْمَبْنِيَّةِ عَلَى الْعُرْفِ إِنَّمَا يَحْسُنُ إِذَا كَانَتْ مَسْبُوقَةً بِالدَّلَائِلِ الْقَطْعِيَّةِ، وَقَدْ ثَبَتَ بِهَا امْتِنَاعُ الْوَلَدِ عَلَيْهِ سُبْحَانَهُ فَلَا جَرَمَ حَسُنَتْ تَقْوِيَتُهَا لِهَذِهِ الْوُجُوهِ الْإِقْنَاعِيَّةِ، وَأَمَّا أَفْعَالُ الْعِبَادِ فَقَدْ ثَبَتَ بِالدَّلَائِلِ الْقَاطِعَةِ أَنَّ خَالِقَهَا هُوَ اللَّهُ تَعَالَى فَكَيْفَ يُمْكِنُ إِلْحَاقُ أَحَدِ الْبَابَيْنِ بِالْآخَرِ لَوْلَا سُوءُ التَّعَصُّبِ