وإذا رأى الذين ظلموا العذاب أي الذي يستوجبونه بظلمهم وهو عذاب جهنم، والمراد من الذين ظلموا الذين كفروا وكان الظاهر الضمير إلا أنه أقيم المظهر مقامه للنعي عليهم بما ذكر في حيز الصلة وتعليق الرؤية بالعذاب للمبالغة، وقيل: المراد به جهنم نفسها مجازا، ويراد بضميره في قوله تعالى: فلا يخفف عنهم معناه الحقيقي على سبيل الاستخدام وليس بذاك وهذه الجملة قيل: مستأنفة، وقيل: جواب إذا بتقدير فهو لا يخفف لأن المضارع مثبتا كان أو منفيا إذا وقع جواب إذا لا يقترن بالفاء، واستظهره ذلك ونقل عن أبو حيان القول بأنه جواب وأنه العامل في (إذا) ثم قال: وقد تقدم لنا أن ما تقدم فاء الجواب في غير أما لا يعمل فيما قبله وبينا أن العامل في (إذا) الفعل الذي يليها كسائر أدوات الشرط وإن كان ليس قول الجمهور وتعقب الخفاجي القول بالجوابية بأنه محتاج إلى ما سمعت من التقدير وهو مع كونه خلاف الأصل مناف للغرض في تغاير الجملتين في النظم يعني قوله تعالى: الحوفي فلا يخفف عنهم وقوله سبحانه: ولا هم ينظرون أي يمهلون وهو أن عدم التخفيف واقع بعد رؤية العذاب فلذا لم يؤت بجملة اسمية بخلاف عدم الإمهال فإنه ثابت لهم في تلك الحالة اه.
وفي كلام كما في الكشف إشعار بأن الناصب المحذوف لإذا بغتهم وإنه هو الجواب حيث قال بعد أن بين وجه انتصاب اليوم وكذلك إذا رأوا العذاب بغتهم وثقل عليهم فلا يخفف عنهم ولا هم ينظرون كقوله تعالى: الزمخشري بل تأتيهم بغتة فتبهتهم الآية، وفيه إشعار أيضا بأن عدم التخفيف والإنظار يدل على إثقاله [ ص: 208 ] ومباغتته كما صرح به في الآية الأخرى حيث أبت الإتيان بغتة والبهت الذي هو الإثقال وزيادة ورتب عليه «فلا يستطيعون ردها ولا هم ينظرون» ومثل هذه الفاء فصيحة عنده فافهم، وفي التفسير الكبير قال المتكلمون: إن العذاب يجب أن يكون خالصا عن شوائب النفع وهو المراد بقوله تعالى: فلا يخفف عنهم ويجب أن يكون دائميا وهو المراد من قوله سبحانه: ولا هم ينظرون وفيه نظر.