وقيل: المراد بالحياة حياة الآخرة، وبعذاب الممات ما يكون في القبر، وأمر الإضافة والتقدير على حاله، والمعنى: لو قاربت لنضاعفن لك عذاب القبر وعذاب يوم القيامة المدخرين للعصاة، وفي هذه الشرطية إجلال عظيم بمكان رسول الله صلى الله عليه وسلم وتنبيه على أن الأقرب أشد خطرا؛ وذلك أنه أوعد بضعف العذاب على مقاربة أدنى ركون، وقد وضع عنا الركون ما لم يصدقه العمل، ونظير ذلك من وجه ما جاء في نسائه عليه الصلاة والسلام من قوله تعالى: يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين وذكر في وجه مضاعفة جزاء خطأ الخطير أنه يكون سببا لارتكاب غيره مثله، والاحتجاج به فكأنه سن ذلك.
وقد جاء: «من سن سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة».
وعلى هذا يضاعف عذاب الخطير في خطئه أضعافا مضاعفة، ولا يلزم من إثبات الضعف الواحد نفي الضعف المتعدد، وقيل: الضعف من أسماء العذاب، وأنشدوا على ذلك قوله:
لمقتل مالك إذ بان مني أبيت الليل في ضعف أليم
وذكر بعضهم أن الضعف ليس من أسماء العذاب وضعا لكنه يعبر به عنه لكثرة وصف العذاب به كما في قوله تعالى: عذابا ضعفا وزعم أن ذلك مراد القائل والله تعالى أعلم. واللام في: «لأذقناك» و «لاتخذوك» لام القسم على ما نص عليه والماضي في الموضعين واقع موقع المضارع الدال عليه اللام، والنون على ما نص عليه الحوفي، وأشرنا إليه فيما سبق. أبو حيان
ثم لا تجد لك علينا نصيرا يدفع العذاب أو يرفعه عنك.
روي عن أنه قتادة لما نزل قوله تعالى: وإن كادوا إلى هنا قال صلى الله عليه وسلم: «اللهم لا تكلني إلى نفسي طرفة عين».
وينبغي للمؤمن إذا تلا هذه الآية أن يجثو عندها ويتدبرها وأن يستشعر الخشية وازدياد التصلب في دين الله تعالى ويقول كما قال النبي صلى الله عليه وسلم.