(أولئك) كلام مستأنف من جنابه تعالى مسوق لتكميل تعريف الأخسرين وتبيين خسرانهم وضلال سعيهم وتعيينهم بحيث ينطبق التعريف على المخاطبين غير داخل تحت الأمر كما قيل أي أولئك المنعوتون بما ذكر من ضلال السعي والحسبان المذكور الذين كفروا بآيات ربهم بدلائله سبحانه الداعية إلى التوحيد الشاملة للسمعية والعقلية ، وقيل : بالقرآن والأول أولى ، والتعرض لعنوان الربوبية لزيادة تقبيح حالهم في الكفر المذكور (ولقائه) هو حقيقة في مقابلة الشيء ومصادفته وليس بمراد ، والأكثرون على أنه كناية عن البعث والحشر وما يتبع ذلك من أمور الآخرة أي لم يؤمنوا بذلك على ما هو عليه ، وقيل : الكلام على حذف مضاف أي لقاء عذابه تعالى وليس بذاك (فحبطت) بكسر الباء ، وقرأ ابن عباس وأبو السمال بفتحها ، والفاء للتفريع أي فحبطت لذلك (أعمالهم) المعهودة حبوطا كليا فلا نقيم لهم أي لأولئك الموصوفين بما مر من حبوط الأعمال يوم القيامة وزنا أي فنزدري بهم ونحتقرهم ولا نجعل لهم مقدارا واعتبارا لأن مدار الاعتبار [ ص: 49 ] والاعتناء الأعمال الصالحة وقد حبطت بالمرة، وحيث كان هذا الازدراء والاحتقار من عواقب حبوط الأعمال عطف عليه بطريق التفريع، وأما ما هو من أجزية الكفر فسيجيء إن شاء الله تعالى بعد ذلك ، وزعم بعضهم أن حقه على هذا أن يعطف بالواو عطف أحد المتفرعين على الآخر لأن منشأ ازدرائهم الكفر لا الحبوط وبه اعترض على ذلك وهو ناشئ من فرط الذهول كما لا يخفى أو لا نضع لأجل وزن أعمالهم ميزانا لأنها قد حبطت وصارت هباء منثورا . ونفي هذا بعد الإخبار بحبوطها من قبيل التأكيد بخلاف النفي على المعنى الأول ولذلك رجح عليه وليس من الاعتزال في شيء ، وقرأ مجاهد فلا يقيم بالياء لتقدم قوله تعالى : وعبيد بن عمير بآيات ربهم وعن عبيد أيضا فلا يقيم بفتح ياء المضارعة كأنه جعل قام متعديا ، وعن مجاهد وابن محيصن بخلاف عنهم فلا يقوم لهم يوم القيامة وزن على أن يقوم مضارع قام اللازم و ( وزن ) فاعله . ويعقوب