وإذا قيل له اتق الله في فعلك أخذته العزة أي: احتوت عليه وأحاطت به، وصار كالمأخوذ بها، و العزة في الأصل خلاف الذل، وأريد بها الأنفة والحمية مجازا، بالإثم أي: مصحوبا أو مصحوبة به، أو بسبب إثمه السابق، ويجوز أن يكون ( أخذ ) من الأخذ بمعنى الأسر، ومنه الأخيذ للأسير؛ أي: جعلته ( العزة ) وحمية الجاهلية أسيرا بقيد الإثم لا يتخلص منه، فحسبه جهنم مبتدأ وخبر؛ أي: كافيه جهنم، وقيل: جهنم فاعل لـ حسبه ساد مسد خبره، وهو مصدر بمعنى الفاعل وقوي لاعتماده على ( الفاء ) الرابطة للجملة بما قبلها، وقيل: ( حسب ) اسم فعل ماض بمعنى ( كفى ) وفيه نظر، و جهنم علم لدار العقاب أو لطبقة من طبقاتها ممنوعة من الصرف للعلمية والتأنيث، وهي من الملحق بالخماسي بزيادة الحرف الثالث ووزنه فعنلل، وفي البحر إنها مشتقة من قولهم: ركية جهنام - إذا كانت بعيدة القعر - وكلاهما من الجهم، وهي الكراهية والغلظ، ووزنها فعنل، ولا يلتفت لمن قال: وزنها فعنلل كعرندس، وأن فعنلا مفقود لوجود فعنل نحو دونك وخفنك وغيرهما، وقيل: إنها فارسي، وأصلها كهنام فعربت - بإبدال الكاف جيما وإسقاط الألف - والمنع من الصرف حينئذ للعلمية والعجمة ولبئس المهاد 206 جواب قسم مقدر؛ والمخصوص بالذم محذوف لظهوره وتعينه، و المهاد الفراش، وقيل: ما يوطئ للجنب، والتعبير به للتهكم، وفي الآية ذم لمن يغضب إذا قيل له : اتق الله ولهذا قال العلماء: إذا قال الخصم للقاضي: اعدل ونحوه له أن يعزره، وإذا قال له: اتق الله لا يعزره. وأخرج عن ابن المنذر - رضي الله تعالى عنه - : "إن من أكبر الذنب أن يقول الرجل لأخيه: اتق الله فيقول: عليك بنفسك عليك بنفسك". ابن مسعود