ومن الناس من يشري نفسه أي: يبيعها ببذلها في الجهاد على ما روي عن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - أن الآية نزلت في سرية الرجيع، أو في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على ما أخرج والضحاك عن ابن جرير أبي الخليل، قال: سمع - رضي الله تعالى عنه - إنسانا يقرأ هذه الآية فاسترجع، وقال: قام رجل يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر فقتل. عمر ابتغاء مرضات الله أي: طلبا لرضاه، فـ ابتغاء مفعول له، و مرضات مصدر بني - كما في البحر - على التاء كمدعاة، والقياس تجريده منها، وكتب في المصحف بالتاء، ووقف عليه بالتاء والهاء، وأكثر الروايات أن الآية نزلت في صهيب الرومي - رضي الله تعالى عنه -، [ ص: 97 ] فقد أخرج جماعة صهيبا أقبل مهاجرا نحو النبي - صلى الله تعالى عليه وسلم - فاتبعه نفر من المشركين، فنزل عن راحلته، ونثر ما في كنانته، وأخذ قوسه، ثم قال: يا معشر قريش، لقد علمتم أني من أرماكم رجلا، وايم الله لا تصلون إلي حتى أرمي بما في كنانتي، ثم أضرب بسيفي ما بقي في يدي منه شيء، ثم افعلوا ما شئتم، فقالوا: دلنا على بيتك ومالك بمكة ونخلي عنك، وعاهدوه إن دلهم أن يدعوه ففعل، فلما قدم على النبي - صلى الله تعالى عليه وسلم - قال: "أبا يحيى، ربح البيع ربح البيع" وتلا له الآية. وعلى هذا يكون الشراء على ظاهره بمعنى الاشتراء. أن
وفي الكواشي أنها نزلت في الزبير بن العوام وصاحبه المقداد بن الأسود لما قال عليه الصلاة والسلام: "من ينزل خبيبا عن خشبته فله الجنة"، فقال: أنا وصاحبي المقداد، وكان خبيب قد صلبه أهل مكة. وقال الإمامية وبعض منا: إنها نزلت في - حين استخلفه النبي - صلى الله تعالى عليه وسلم - على فراشه علي - كرم الله تعالى وجهه بمكة لما خرج إلى الغار، وعلى هذا يرتكب في الشراء مثل ما ارتكب أولا والله رءوف بالعباد 207 أي المؤمنين حيث أرشدهم لما فيه رضاه، وجعل النعيم الدائم جزاء العمل المنقطع، وأثاب على شراء ملكه بملكه.