وقوله :
nindex.php?page=treesubj&link=28723_31848_32022_34106_34112_34411_28990nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=45يا أبت إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن تحذير من سوء عاقبة ما هو فيه من عبادة الأصنام والخوف كما قال
nindex.php?page=showalam&ids=14343الراغب: توقع المكروه عن أمارة مظنونة أو معلومة فهو غير مقطوع فيه بما يخاف ، ومن هنا قيل : إن في اختياره مجاملة . وحمله
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء nindex.php?page=showalam&ids=16935والطبري على العلم وليس بذاك وتنوين (عذاب) على ما اختاره السعد في المطول يحتمل التعظيم والتقليل أي عذاب هائل أو أدنى شيء منه، وقال: لا دلالة للفظ المس وإضافة العذاب إلى الرحمن على ترجيح الثاني كما ذكره بعضهم لقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=14لمسكم في ما أفضتم فيه عذاب عظيم ولأن العقوبة من الكريم الحليم أشد ا هـ .
[ ص: 98 ] واختار
أبو السعود أنه للتعظيم ، وقال : كلمة من متعلقة بمضمر وقع صفة للعذاب مؤكدة لما أفاده التنكير من الفخامة الذاتية بالفخامة الإضافية ، وإظهار الرحمن للإشعار بأن وصف الرحمانية لا يدفع حلول العذاب كما في قوله عز وجل
nindex.php?page=tafseer&surano=82&ayano=6ما غرك بربك الكريم انتهى ، وفي الكشف أن الحمل على التفخيم فى (عذاب) كما جوزه صاحب المفتاح مما يأباه المقام أي لأنه مقام إظهار مزيد الشفقة ومراعاة الأدب وحسن المعاملة وإنما قال
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=45من الرحمن لقوله أولا
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=44كان للرحمن عصيا وللدلالة على أنه ليس على وجه الانتقام بل ذلك أيضا رحمة من الله تعالى على عباده وتنبيه على سبق الرحمة الغضب، وأن الرحمانية لا تنافي العذاب بل الرحيمية على ما عليه الصوفية فقد قال المحقق
القونوي في تفسير الفاتحة : الرحيم كما بينا لأهل اليمين والجمال، والرحمن الجامع بين اللطف والقهر لأهل القضية الأخرى والجلال إلى آخر ما قال ، وأيد الحمل على التفخيم بقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=45فتكون للشيطان وليا أي قرينا تليه ويليك في العذاب، فإن الولاية للشيطان بهذا المعنى إنما تترتب على مس العذاب العظيم .
وأجيب عن كون المقام مقام إظهار مزيد الشفقة وهو يأبى ذلك بأن القسوة أحيانا من الشفقة أيضا كما قيل :
فقسا ليزدجروا ومن يك حازما فليقس أحيانا على من يرحم
وقد تقدم هذا مع أبيات أخر بهذا المعنى ، ويكفي في مراعاة الأدب والمجاملة عدم الجزم باللحوق . والمس وإن كان مشعرا بالقلة عند الجلة لكن قالوا : إن الكثرة والعظمة باعتبار ما يلزمه ويتبعه لا بالنظر إليه في نفسه، فإنه غير مقصود بالذات وإنما هو كالذوق مقدمة للمقصود فيصح وصفه بكل من الأمرين باعتبارين . وكأني بك تختار التفخيم لأنه أنسب بالتخويف وتدعي أنه هاهنا من معدن الشفقة. فتدبر .
وجوز أن يكون (فتكون) إلخ مترتبا على مس العذاب القليل، والولي من الموالاة وهي المتابعة والمصادقة . والمراد تفريع الثبات على حكم تلك الموالاة وبقاء آثارها من سخط الله تعالى وغضبه ، ولا مانع من أن يتفرع من قليل أمر عظيم . ثم الظاهر أن المراد بالعذاب عذاب الآخرة وتأوله بعضهم بعذاب الدنيا وأراد به الخذلان أو شيئا آخر مما أصاب الكفرة في الدنيا من أنواع البلاء وليس بذاك ، وزعم بعضهم أن في الكلام تقديما وتأخيرا، والأصل إني أخاف أن تكون وليا للشيطان أي تابعا له في الدنيا فيمسك عذاب من الرحمن أي في العقبى وكأنه أشكل عليه أمر التفريع فاضطر لما ذكر، وقد أغناك الله تعالى عن ذلك بما ذكرنا
وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=treesubj&link=28723_31848_32022_34106_34112_34411_28990nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=45يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ تَحْذِيرٌ مِنْ سُوءِ عَاقِبَةِ مَا هُوَ فِيهِ مِنْ عِبَادَةِ الْأَصْنَامِ وَالْخَوْفِ كَمَا قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14343الرَّاغِبُ: تَوَقُّعُ الْمَكْرُوهِ عَنْ أَمَارَةٍ مَظْنُونَةٍ أَوْ مَعْلُومَةٍ فَهُوَ غَيْرُ مَقْطُوعٍ فِيهِ بِمَا يُخَافُ ، وَمِنْ هُنَا قِيلَ : إِنَّ فِي اخْتِيَارِهِ مُجَامَلَةٌ . وَحَمَلَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14888الْفَرَّاءُ nindex.php?page=showalam&ids=16935وَالطَّبَرِيُّ عَلَى الْعِلْمِ وَلَيْسَ بِذَاكَ وَتَنْوِينُ (عَذَابٌ) عَلَى مَا اخْتَارَهُ السَّعْدُ فِي الْمُطَوَّلِ يَحْتَمِلُ التَّعْظِيمَ وَالتَّقْلِيلَ أَيْ عَذَابٌ هَائِلٌ أَوْ أَدْنَى شَيْءٍ مِنْهُ، وَقَالَ: لَا دَلَالَةَ لِلَفْظِ الْمَسِّ وَإِضَافَةِ الْعَذَابِ إِلَى الرَّحْمَنِ عَلَى تَرْجِيحِ الثَّانِي كَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=14لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ وَلِأَنَّ الْعُقُوبَةَ مِنَ الْكَرِيمِ الْحَلِيمِ أَشَدُّ ا هـ .
[ ص: 98 ] وَاخْتَارَ
أَبُو السُّعُودِ أَنَّهُ لِلتَّعْظِيمِ ، وَقَالَ : كَلِمَةُ مِنْ مُتَعَلِّقَةٌ بِمُضْمَرٍ وَقَعَ صِفَةً لِلْعَذَابِ مُؤَكِّدَةٌ لِمَا أَفَادَهُ التَّنْكِيرُ مِنَ الْفَخَامَةِ الذَّاتِيَّةِ بِالْفَخَامَةِ الْإِضَافِيَّةِ ، وَإِظْهَارُ الرَّحْمَنِ لِلْإِشْعَارِ بِأَنَّ وَصْفَ الرَّحْمَانِيَّةِ لَا يَدْفَعُ حُلُولَ الْعَذَابِ كَمَا فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ
nindex.php?page=tafseer&surano=82&ayano=6مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ انْتَهَى ، وَفِي الْكَشْفِ أَنَّ الْحَمْلَ عَلَى التَّفْخِيمِ فَى (عَذَابٌ) كَمَا جَوَّزَهُ صَاحِبُ الْمِفْتَاحِ مِمَّا يَأْبَاهُ الْمَقَامُ أَيْ لِأَنَّهُ مَقَامُ إِظْهَارِ مَزِيدِ الشَّفَقَةِ وَمُرَاعَاةِ الْأَدَبِ وَحُسْنِ الْمُعَامَلَةِ وَإِنَّمَا قَالَ
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=45مِنَ الرَّحْمَنِ لِقَوْلِهِ أَوَّلًا
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=44كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا وَلِلدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى وَجْهِ الِانْتِقَامِ بَلْ ذَلِكَ أَيْضًا رَحْمَةٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى عِبَادِهِ وَتَنْبِيهٌ عَلَى سَبْقِ الرَّحْمَةِ الْغَضَبَ، وَأَنَّ الرَّحْمَانِيَّةَ لَا تُنَافِي الْعَذَابَ بَلِ الرَّحِيمِيَّةُ عَلَى مَا عَلَيْهِ الصُّوفِيَّةُ فَقَدْ قَالَ الْمُحَقِّقُ
الْقُونَوِيُّ فِي تَفْسِيرِ الْفَاتِحَةِ : الرَّحِيمُ كَمَا بَيَّنَّا لِأَهْلِ الْيَمِينِ وَالْجَمَالِ، وَالرَّحْمَنُ الْجَامِعُ بَيْنَ اللُّطْفِ وَالْقَهْرِ لِأَهْلِ الْقَضِيَّةِ الْأُخْرَى وَالْجَلَالِ إِلَى آخِرِ مَا قَالَ ، وَأَيَّدَ الْحَمْلَ عَلَى التَّفْخِيمِ بِقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=45فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا أَيْ قَرِينًا تَلِيهِ وَيَلِيكَ فِي الْعَذَابِ، فَإِنَّ الْوِلَايَةَ لِلشَّيْطَانِ بِهَذَا الْمَعْنَى إِنَّمَا تَتَرَتَّبُ عَلَى مَسِّ الْعَذَابِ الْعَظِيمِ .
وَأُجِيبُ عَنْ كَوْنِ الْمَقَامِ مَقَامَ إِظْهَارِ مَزِيدِ الشَّفَقَةِ وَهُوَ يَأْبَى ذَلِكَ بِأَنَّ الْقَسْوَةَ أَحْيَانًا مِنَ الشَّفَقَةِ أَيْضًا كَمَا قِيلَ :
فَقَسَا لِيَزْدَجِرُوا وَمَنْ يَكُ حَازِمًا فَلْيَقْسُ أَحْيَانًا عَلَى مَنْ يَرْحَمُ
وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا مَعَ أَبْيَاتٍ أُخَرَ بِهَذَا الْمَعْنَى ، وَيَكْفِي فِي مُرَاعَاةِ الْأَدَبِ وَالْمُجَامَلَةِ عَدَمُ الْجَزْمِ بِاللُّحُوقِ . وَالْمَسُّ وَإِنْ كَانَ مُشْعِرًا بِالْقِلَّةِ عِنْدَ الْجِلَّةِ لَكِنْ قَالُوا : إِنَّ الْكَثْرَةَ وَالْعَظَمَةَ بِاعْتِبَارِ مَا يَلْزَمُهُ وَيَتْبَعُهُ لَا بِالنَّظَرِ إِلَيْهِ فِي نَفْسِهِ، فَإِنَّهُ غَيْرُ مَقْصُودٍ بِالذَّاتِ وَإِنَّمَا هُوَ كَالذَّوْقِ مُقَدِّمَةٌ لِلْمَقْصُودِ فَيَصِحُّ وَصْفُهُ بِكُلٍّ مِنَ الْأَمْرَيْنِ بِاعْتِبَارَيْنِ . وَكَأَنِّي بِكَ تَخْتَارُ التَّفْخِيمَ لِأَنَّهُ أَنْسَبُ بِالتَّخْوِيفِ وَتَدَّعِي أَنَّهُ هَاهُنَا مِنْ مَعْدِنِ الشَّفَقَةِ. فَتَدَبَّرْ .
وَجُوِّزَ أَنْ يَكُونَ (فَتَكُونَ) إِلَخْ مُتَرَتِّبًا عَلَى مَسِّ الْعَذَابِ الْقَلِيلِ، وَالْوَلِيُّ مِنَ الْمُوَالَاةِ وَهِيَ الْمُتَابَعَةُ وَالْمُصَادَقَةُ . وَالْمُرَادُ تَفْرِيعُ الثَّبَاتِ عَلَى حُكْمِ تِلْكَ الْمُوَالَاةِ وَبَقَاءِ آثَارِهَا مِنْ سُخْطِ اللَّهِ تَعَالَى وَغَضَبِهِ ، وَلَا مَانِعَ مِنْ أَنْ يَتَفَرَّعَ مِنْ قَلِيلِ أَمْرٍ عَظِيمٍ . ثُمَّ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَذَابِ عَذَابُ الْآخِرَةِ وَتَأَوَّلَهُ بَعْضُهُمْ بِعَذَابِ الدُّنْيَا وَأَرَادَ بِهِ الْخِذْلَانَ أَوْ شَيْئًا آخَرَ مِمَّا أَصَابَ الْكَفَرَةَ فِي الدُّنْيَا مِنْ أَنْوَاعِ الْبَلَاءِ وَلَيْسَ بِذَاكَ ، وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ فِي الْكَلَامِ تَقْدِيمًا وَتَأْخِيرًا، وَالْأَصْلُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ تَكُونَ وَلِيًّا لِلشَّيْطَانِ أَيْ تَابِعًا لَهُ فِي الدُّنْيَا فَيَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ أَيْ فِي الْعُقْبَى وَكَأَنَّهُ أَشْكَلَ عَلَيْهِ أَمْرُ التَّفْرِيعِ فَاضْطُرَّ لِمَا ذُكِرَ، وَقَدْ أَغْنَاكَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ ذَلِكَ بِمَا ذَكَرْنَا