وقوله تعالى وهل أتاك حديث موسى مسوق لتقرير أمر التوحيد الذي انتهى إليه مساق الحديث وبيان أنه أمر مستمر فيما بين الأنبياء عليهم السلام كابرا عن كابر وقد خوطب به موسى عليه السلام حيث قيل له إنني أنا الله لا إله إلا أنا وبه ختم عليه السلام مقاله حيث قال : إنما إلهكم الله الذي لا إله إلا هو وقيل : مسوق لتسليته صلى الله عليه وسلم كقوله تعالى : ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى [بناء على ما نقل عن في سبب النزول إلا إن الأول تسلية له عليه الصلاة والسلام برد ما قاله قومه وهذا تسلية له صلى الله عليه وسلم بأن إخوانه من الأنبياء عليهم السلام قد عراهم من أممهم ما عراهم وكانت العاقبة لهم وذكر مبدأ نبوة مقاتل موسى عليه السلام نظير ما ذكر إنزال القرآن عليه عليه الصلاة والسلام .
وقيل : مسوق لترغيب النبي صلى الله عليه وسلم في الائتساء بموسى عليه السلام في تحمل أعباء النبوة والصبر على مقاساة الخطوب في تبليغ أحكام الرسالة بعد ما خاطبه سبحانه بأنه كلفه التبليغ الشاق بناء على أن معنى قوله تعالى ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى إلا تذكرة لمن يخشى إنا أنزلنا عليك القرآن لتحتمل متاعب التبليغ ومقاولة العتاة من أعداء الإسلام ومقاتلتهم وغير ذلك من أنواع المشاق وتكاليف النبوة وما أنزلنا عليك هذا المتعب الشاق إلا ليكون تذكرة فالواو كما قاله غير واحد لعطف القصة على القصة ولا نظر في ذلك إلى تناسبهما خيرا وطلبا بل يشترط التناسب فيما سيقاتله مع أن المعطوف هاهنا قد يؤول بالخبر .
ولا يخفى أن ما تقدم جار على سائر الأوجه والأقوال في الآية السابقة ، وسبب نزولها ولا يأباه شيء من ذلك ، والاستفهام تقريري ، وقيل : هل بمعنى قد وقيل : الاستفهام إنكاري ومعناه النفي أي ما أخبرناك قبل هذه السورة بقصة موسى عليه السلام ونحن الآن مخبروك بها والمعول عليه الأول ، والحديث الخبر ويصدق على القليل والكثير ويجمع على أحاديث على غير قياس .
قال : نرى أن واحد الأحاديث أحدوثة ثم جعلوه جمعا للحديث ، وقال الفراء : الحديث: كل كلام يبلغ الإنسان من جهة السمع أو الوحي في يقظته أو منامه ويكون مصدرا بمعنى التكلم . وحمله بعضهم على هذا هنا بقرينة (فقال) إلخ ، وعلق به قوله تعالى
الراغب