فما خطبك يا سامري أي : ما شأنك والأمر العظيم الصادر عنك وما سؤال عن السبب الباعث لذلك ، وتفسير الخطب بذلك هو المشهور ، وفي الصحاح الخطب سبب الأمر .
وقال بعض الثقات : هو في الأصل مصدر خطب الأمر إذا طلبه فإذا قيل لمن يفعل شيئا : ما خطبك؟ فمعناه ما طلبك له وشاع في الشأن والأمر العظيم لأنه يطلب ويرغب فيه ، واختير في الآية تفسيره بالأصل ليكون الكلام عليه أبلغ حيث لم يسأله عليه السلام عما صدر منه ولا عن سببه بل عن سبب طلبه ، وجعل الأصل لهذا الشائع الخطب بمعنى التخاطب أي المراجعة في الكلام ، وأطلق عليه لأن الأمر العظيم يكثر فيه التخاطب ، وجعل في الأساس الخطب بمعنى الطلب مجازا فقال : ومن المجاز فلان يخطب عمل كذا يطلبه وما خطبك ما شأنك الذي تخطبه ، وفرق الراغب بين الخطب والشأن بأن الخطب يقتضي انتهارا ويستعمل في المكاره دون الشأن ثم قال فكأنه قيل : ما نحسك وما شؤمك وما هذا الخطب الذي جاء منك. انتهى . ابن عطية
وليس ذلك بمطرد فقد قال إبراهيم عليه السلام للملائكة عليهم السلام : فما خطبكم أيها المرسلون ولا يتأتى فيه ما ذكر .
وزعم بعض من جعل اشتقاقه من الخطاب أن المعنى ما حملك على أن خاطبت بني إسرائيل بما خاطبت وفعلت معهم ما فعلت وليس بشيء ، وخطابه عليه السلام إياه بذلك ليظهر للناس بطلان كيده باعترافه ويفعل به وبما أخرجه ما يكون نكالا للمفتونين ولمن خلفهم من الأمم .