وعنت الوجوه للحي القيوم أي ذلت وخضعت خضوع العناة أي الأسارى ، والمراد بالوجوه إما الذوات وإما الأعضاء المعلومة وتخصيصها بالذكر لأنها أشرف الأعضاء الظاهرة وآثار الذل أول ما تظهر فيها ، وأل فيها للعهد أو عوض عن المضاف إليه أي وجوه المجرمين فتكون الآية نظير قوله تعالى : سيئت وجوه الذين كفروا واختار ذلك وجعل قوله تعالى : الزمخشري وقد خاب من حمل ظلما اعتراضا ووضع الموصول موضع ضميرهم ليكون أبلغ ، وقيل : الوجوه الأشراف أي عظماء الكفرة لأن المقام مقام الهيبة ولصوق الذلة بهم أولى والظلم الشرك وجملة وقد خاب إلخ حال والرابط الواو لا معترضة لأنها [ ص: 266 ] في مقابلة وهو مؤمن فيما بعد ، انتهى . قال صاحب الكشف : الظاهر مع والتقابل المعنوي كاف فإن الاعتراض لا يتقاعد عن الحال. انتهى . الزمخشري
وأنت تعلم أن تفسير الظلم بالشرك مما لا يختص بتفسير الوجوه بالإشراف وجعل الجملة حالا بل يكون على الوجه الأول أيضا بناء على أن المراد بالمجرمين الكفار ، وعن رضي الله تعالى عنه أنه قال في قوله تعالى : ابن عباس وقد خاب إلخ خسر من أشرك بالله تعالى ولم يتب ، وقال غير واحد : الظاهر أن أل للاستغراق أي خضعت واستسلمت جميع الوجوه وقوله تعالى وقد خاب إلخ يحتمل الاستئناف والحالية ، والمراد بالموصول إما المشركون وإما ما يعمهم وغيرهم من العصاة، وخيبة كل حامل بقدر ما حمل من الظلم، فخيبة المشرك دائمة، وخيبة المؤمن العاصي مقيدة بوقت العقوبة إن عوقب . وقد تقدم لك معنى- الحي القيوم- في آية الكرسي . والظاهر أن قوله تعالى