قال استئناف مبني على سؤال نشأ من الإخبار بأنه تعالى عامله بما عامله كأنه قيل : فماذا أمره بعد ذلك؟
فقيل : قال له ولزوجته اهبطا منها جميعا أي انزلا من الجنة إلى الأرض مجتمعين ، وقيل : الخطاب له عليه السلام ولإبليس عليه اللعنة فإنه دخل الجنة بعد ما قيل له (اخرج منها فإنك رجيم) للوسوسة ، وخطابهما [ ص: 276 ] على الأول بقوله تعالى بعضكم لبعض عدو لما أنهما أصل الذرية ومنشأ الأولاد فالتعادي في الحقيقة بين أولادهما . وهذا على عكس مخاطبة اليهود ونسبة ما فعل آباؤهم إليهم . والجملة في موضع الحال أي متعادين في أمر المعاش وشهوات الأنفس . وعلى الثاني ظاهر لظهور العداوة بين آدم عليه السلام وإبليس عليه اللعنة وكذا بين ذرية آدم عليه السلام وذرية اللعين . ومن هنا قيل : الضمير لآدم وذريته وإبليس وذريته .
وزعم بعضهم أنه لآدم وإبليس والحية والمعول عليه الأول ويؤيد ذلك قوله تعالى فإما يأتينكم مني هدى إلخ أي نبي أرسله إليكم وكتاب أنزله عليكم فمن اتبع هداي وضع الظاهر موضع المضمر مع الإضافة إلى ضميره تعالى لتشريفه والمبالغة في إيجاب اتباعه .
وأخرج وغيره عن الطبراني أبي الطفيل أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ فمن اتبع هداي فلا يضل في الدنيا ولا يشقى في الآخرة ، وفسر بعضهم الهدى بالقرآن لما أخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن أبي حاتم وصححه . والحاكم في شعب الإيمان من طرق عن والبيهقي رضي الله تعالى عنهما قال : أجار الله تعالى تابع القرآن من أن يضل في الدنيا أو يشقى في الآخرة ثم قرأ الآية ، وأخرج جماعة عنه مرفوعا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بلفظ ( ابن عباس ) من اتبع كتاب الله هداه الله تعالى من الضلالة في الدنيا ووقاه سوء الحساب يوم القيامة
،