وأمر أهلك بالصلاة أمر صلى الله عليه وسلم أن يأمر أهله بالصلاة بعد ما أمر هو عليه الصلاة والسلام بها ليتعاونوا على الاستعانة على خصاصتهم ولا يهتموا بأمر المعيشة ولا يلتفتوا لفت ذوي الثروة ، والمراد بأهله صلى الله عليه وسلم قيل أزواجه وبناته وصهره علي رضي الله تعالى عنهم ، وقيل : ما يشملهم وسائر مؤمني بني هاشم والمطلب ، وقيل : جميع المتبعين له عليه الصلاة والسلام من أمته ، واستظهر أن المراد أهل بيته صلى الله تعالى عليه وسلم ، وأيد بما أخرجه ابن مردويه وابن عساكر وابن النجار عن قال : لما نزلت أبي سعيد الخدري وأمر أهلك إلخ كان عليه الصلاة والسلام يجيء إلى باب صلاة الغداة ثمانية أشهر يقول : الصلاة رحمكم الله تعالى علي كرم الله تعالى وجهه إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ، وروى نحو ذلك الإمامية بطرق كثيرة .
والظاهر أن المراد بالصلاة الصلوات المفروضة ويؤمر بأدائها الصبي وإن لم تجب عليه ليعتاد ذلك فقد روى بإسناد حسن مرفوعا ( أبو داود ) . مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين واضربوهم عليها وهم أبناء عشر سنين وفرقوا بينهم في المضاجع
واصطبر عليها أي وداوم عليها فالصبر مجاز مرسل عن المداومة [ ص: 285 ] لأنها لازم معناه . وفيه إشارة إلى أن العبادة في رعايتها حق الرعاية مشقة على النفس ، والخطاب عام شامل للأهل وإن كان في صورة الخاص وكذا فيما بعد ، ولا يخفى ما في التعبير بالتسبيح أولا والصلاة ثانيا مع توجيه الخطاب بالمداومة إليه عليه الصلاة والسلام من الإشارة إلى مزيد رفعة شأنه صلى الله عليه وسلم ، وقوله تعالى : لا نسألك رزقا نحن نرزقك دفع لما عسى أن يخطر ببال أحد من أن المداومة على الصلاة ربما تضر بأمر المعاش فكأنه قيل داوموا على الصلاة غير مشتغلين بأمر المعاش عنها إذ لا نكلفكم رزق أنفسكم إذ نحن نرزقكم ، وتقديم المسند إليه للاختصاص أو لإفادة التقوى ، وزعم بعضهم أن الخطاب خاص وكذا الحكم إذ لو كان عاما لرخص لكل مسلم المداومة على الصلاة وترك الاكتساب وليس كذلك ، وفيه أن قصارى ما يلزم العموم سواء كان الأهل خاصا أو عاما لسائر المؤمنين أن يرخص للمصلي ترك الاكتساب المانع من الصلاة وأي مانع عن ذلك بل ترك الاكتساب لأداء الصلاة المفروضة فرض وليس المراد بالمداومة عليها إلا أداؤها دائما في أوقاتها المعينة لها لا استغراق الليل والنهار بها وكان الزاعم ظن أن المراد بالصلاة ما يشمل المفروضة وغيرها وبالمداومة عليها فعلها دائما على وجه يمنع من الاكتساب وليس كذلك ، ومما ذكرنا يعلم أنه لا حاجة في رد ما ذكره الزاعم إلى حمل العموم على شمول خطاب النبي صلى الله تعالى عليه وسلم لأهله فقط دون جميع الناس كما لا يخفى ، نعم قد يستشعر من الآية أن الصلاة مطلقا تكون سببا لإدرار الرزق وكشف الهم وعلى ذلك يحمل ما جاء في الأخبار ، أخرج أبو عبيد وسعيد بن منصور وابن المنذر في الأوسط والطبراني في الحلية وأبو نعيم في شعب الإيمان بسند صحيح عن والبيهقي قال : ( عبد الله بن سلام ) . كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا نزلت بأهله شدة أو ضيق أمرهم بالصلاة وتلا وأمر أهلك بالصلاة
وأخرج في الزهد وغيره عن أحمد ثابت قال ( كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أصابت أهله خصاصة نادى أهله بالصلاة صلوا صلوا .
قال ثابت : وكانت الأنبياء عليهم السلام إذا نزل بهم أمر فزعوا إلى الصلاة ، وأخرج مالك عن والبيهقي أسلم قال كان يصلي من الليل ما شاء الله تعالى أن يصلي حتى إذا كان آخر الليل أيقظ أهله للصلاة ويقول لهم : الصلاة الصلاة ويتلو هذه الآية عمر بن الخطاب وأمر أهلك إلخ ، وجوز لظاهر الأخبار أن يراد بالصلاة مطلقها فتأمل ، وقرأ وجماعة ( نرزقك ) بإدغام القاف في الكاف ، وجاء ذلك عن ابن وثاب يعقوب (والعاقبة) الحميدة أعم من الجنة وغيرها وعن تفسيرها بالجنة السدي للتقوى أي لأهلها كما في قوله تعالى (والعاقبة للمتقين) ولو لم يقدر المضاف صح وفيما ذكر تنبيه على أن ملاك الأمر التقوى