وقوله تعالى : لو يعلم الذين كفروا استئناف مسوق لبيان شدة هول ما يستعجلونه وفظاعة ما فيه من العذاب وأنهم إنما يستعجلونه لجهلهم بشأنه ، وإيثار صيغة المضارع في الشرط وإن كان المعنى على المضي لإفادة استمرار عدم العلم بحسب المقام وإلا فكثيرا ما يفيد المضارع المنفي انتفاء الاستمرار ، ووضع الموصول موضع الضمير للتنبيه بما في حيز الصلة على علة استعجالهم .
وقوله تعالى : حين لا يكفون عن وجوههم النار ولا عن ظهورهم مفعول ( يعلم ) على ما اختاره وهو عبارة عن الوقت الموعود الذي كانوا يستعجلونه ، وإضافته إلى الجملة الجارية مجرى الصفة التي حقها أن تكون معلومة الانتساب إلى الموصوف عند المخاطب أيضا مع إنكار الكفرة ذلك للإيذان بأنه من الظهور بحيث لا حاجة إلى الإخبار به وإنما حقه الانتظام في سلك المسلمات المفروغ عنها ، وجواب ( لو ) محذوف أي لو لم يستمر عدم علمهم بالوقت الذي يستعجلونه بقولهم ( متى هذا الوعد ) وهو الوقت الذي تحيط بهم النار فيه من كل جانب ، وتخصيص الوجوه والظهور بالذكر بمعنى القدام والخلف لكونهما أشهر الجوانب [ ص: 50 ] واستلزام الإحاطة بهما للإحاطة بالكل بحيث لا يقدرون على رفعها بأنفسهم من جانب من جوانبهم الزمخشري ولا هم ينصرون من جهة الغير في دفعها إلخ لما فعلوا ما فعلوا من الاستعجال ، وقدر لسارعوا إلى الإيمان وبعضهم لعلموا صحة البعث وكلاهما ليس بشيء ، وقيل إن ( لو ) للتمني لا جواب لها وهو كما ترى . الحوفي
وجوز أن يكون ( يعلم ) متروك المفعول منزلا منزلة اللام أي لو كان لهم علم لما فعلوا ذلك ، وقوله تعالى : حين إلخ استئناف مقرر لجهلهم ومبين لاستمراره إلى ذلك الوقت كأنه قيل : حين يرون ما يرون يعلمون حقيقة الحال ، وفي الكشف كأنه استئناف بياني وذلك أنه لما نفي العلم كان مظنة أن يسأل فأي وقت يعلمون ؟ فأجيب حين لا ينفعهم ، والظاهر كون ( حين ) إلخ مفعولا به ليعلم .
وقال : الذي يظهر أن مفعوله محذوف لدلالة ما قبله عليه أي لو يعلم الذين كفروا مجيء الموعود الذي سألوا عنه واستبطؤوه ( وحين ) منصوب بذلك المفعول وليس عندي بظاهر
أبو حيان