أجئتنا بالحق أي بالجد أم أنت من اللاعبين أي الهازلين فالاستفهام ليس على ظاهره بل هو استفهام مستبعد متعجب ، وقولهم أم أنت إلخ عديله كلام منصف مومئ فيه بألطف وجه أن الثابت هو القسم الثاني لما فيه من أنواع المبالغة ، وأشار في الكشاف كما في الكشف إلى أن الأصل هذا الذي جئتنا به أهو جد وحق أم لعب وهزل إلا أنه عدل عنه إلى ما عليه النظم الكريم لما أشير إليه .
وقال صاحب المفتاح : أي أجددت وأحدثت عندنا تعاطي الحق أم أحوال الصبا بعد على الاستمرار وهو أقرب إلى الظاهر وفيه الإشارة إلى فائدة العدول عن المعادل ظاهرا أو بيان المراد بالمجيء وظاهر كلام الشيخين أن أم متصلة . واختار العلامة الطيبي أنها منقطعة فقال : إنهم لما سمعوا منه عليه السلام ما يدل على تحقير آلهتهم وتضليلهم وآبائهم على أبلغ وجه وشاهدوا منه الغلظة والجد طلبوا منه عليه السلام البرهان فكأنهم قالوا هب أنا قد قلدنا آباءنا فيما نحن فيه فهل معك دليل على ما ادعيت أجئتنا بالحق ثم أضربوا عن ذلك وجاؤوا بأم المتضمنة لمعنى بل الإضرابية والهمزة التقديرية فأضربوا ببل عما أثبتوا له وقرروا بالهمزة خلافه على سبيل التوكيد والبت ، وذلك أنهم قطعوا أنه لاعب وليس بمحق ألبتة لأن إدخالهم إياه في زمرة اللاعبين أي أنت غريق في اللعب داخل في زمرة الذين قصارى أمرهم في إثبات الدعاوى اللعب واللهو على سبيل الكناية الإيمائية دل على إثبات ذلك بالدليل والبرهان ، وهذه الكناية توقفك على أن أم لا يجوز أن تكون متصلة قطعا وكذا بل فيما بعد انتهى والحق أن جواز الانقطاع مما لا ريب فيه ، وأما وجوبه ففيه ما فيه .