وداود وسليمان   إما عطف على ( نوحا ) معمول لعامله أعني أذكر عليه على ما زعم  ابن عطية  ، وإما مفعول لمضمر معطوف على ذلك العامل بتقدير المضاف أي نبأ داود  وسليمان   . وداود بن إيشا بن عوبر بن باعر ابن سلمون بن يخشون بن عمي بن يارب بن حضرون بن فارض بن يهوذا بن يعقوب عليه السلام كان ، كما روي عن كعب  أحمر الوجه سبط الرأس أبيض الجسم طويل اللحية فيها جعودة حسن الصوت وجمع له بين النبوة والملك ، ونقل النووي  عن أهل التاريخ أنه عاش مائة سنة ومدة ملكه منها أربعون ، وكان له اثنا عشر ابنا وسليمان  عليه السلام أحد أبنائه وكان عليه السلام يشاور في كثير من أموره مع صغر سنه لوفور عقله وعلمه . 
وذكر كعب  أنه كان أبيض جسيما وسيما وضيئا خاشعا متواضعا ، وملك كما قال المؤرخون وهو ابن ثلاث عشرة سنة ومات وله ثلاث وخمسون سنة ، وقوله تعالى : إذ يحكمان  ظرف لذلك المقدر ، وجوزت البدلية على طرز ما مر ، والمراد إذ حكما في الحرث  إلا أنه جيء بصيغة المضارع حكاية للحال الماضية لاستحضار صورتها ، والمراد بالحرث هنا الزرع . 
 [ ص: 74 ] وأخرج جماعة عن  ابن مسعود  رضي الله تعالى عنه أنه الكرم ، وقيل إنه يقال فيهما إلا أنه في الزرع أكثر ، وقال الخفاجي   : لعله بمعنى الكرم مجاز على التشبيه بالزرع ، والمعنى إذ يحكمان في حق الحرث إذ نفشت  ظرف للحكم ، والنفش رعي الماشية في الليل بغير راع كما أن الهمل رعيها في النهار كذلك ، وكان أصله الانتشار والتفرق أي إذ تفرقت وانتشرت فيه غنم القوم  ليلا بلا راع فرعته وأفسدته وكنا لحكمهم شاهدين  أي حاضرين علما ، وضمير الجمع قيل : لداود  وسليمان  ويؤيده قراءة  ابن عباس  رضي الله تعالى عنهما (لحكمهما ) بضمير التثنية ، واستدل بذلك من قال : إن أقل الجمع اثنان ، وجوز أن يكون الجمع للتعظيم كما في رب ارجعون   [المؤمنون : 99] . 
وقيل : هو للحاكمين والمتحاكمين ، واعترض بأن إضافة حكم إلى الفاعل على سبيل القيام وإلى المفعول على سبيل الوقوع وهما في المعنى معمولان له فكيف يصح سلكهما في قرن . وأجيب بأن الحكم في معنى القضية لا نظر ها هنا إلى علمه وإنما ينظر إليه إذا كان مصدرا صرفا ، وأظهر منه كما في الكشف أن الاختصاص يجمع القيام والوقوع وهو معنى الإضافة ولم يبق النظر إلى العمل بعدها لا لفظا ولا معنى فالمعنى وكنا للحكم الواقع بينهم شاهدين ، والجملة اعتراض مقرر للحكم ، وقد يقال : إنه مادح له كأنه قيل : وكنا مراقبين لحكمهم لا نقرهم على خلل فيه ، وهذا على طريقة قوله تعالى : فإنك بأعيننا   [الطور : 48] في إفادة العناية والحفظ ، 
				
						
						
