لا يسمعون حسيسها   أي صوتها الذي يحس من حركتها ، والجملة بدل من (مبعدون ) ، وجوز أن تكون حالا من ضميره ، وأن تكون خبرا بعد خبر ، واستظهر كونها مؤكدة لما أفادته الجملة الأولى من بعدهم عنها ، وقيل إن الإبعاد يكون بعد القرب فيفهم منه أنه أوردها أولا ، ولما كان مظنة التأذي بها دفع بقوله سبحانه ( لا يسمعون ) فهي مستأنفة لدفع ذلك ، فعلى هذا يكون عدم سماع الحسيس قبل الدخول إلى الجنة ، ومن قال به قال : إن ذلك حين المرور على الصراط وذلك لأنهم على ما ورد في بعض الآثار يمرون عليها وهي خامدة لا حركة لها حتى أنهم يظنون وهم في الجنة أنهم لم يمروا عليها ، وقيل لا يسمعون ذلك لسرعة مرورهم وهو ظاهر ما أخرجه  ابن المنذر   وابن أبي حاتم  عن  ابن عباس  رضي الله تعالى عنهما أنه قال في الآية : أولئك أولياء الله تعالى يمرون على الصراط مرا هو أسرع من البرق فلا تصيبهم ولا يسمعون حسيسها ويبقى الكفار جثيا ، لكن جاء في خبر آخر رواه عنه  ابن أبي حاتم  أيضا  وابن جرير  أنه قال في لا يسمعون  إلخ لا يسمع أهل الجنة حسيس النار إذا نزلوا منازلهم في الجنة ، وقيل إن الإبعاد عنها قبل الدخول إلى الجنة أيضا ، والمراد بذلك حفظ الله تعالى إياهم عن الوقوع فيها كما يقال أبعد الله تعالى فلانا عن فعل الشر ، والأظهر أن كلا الأمرين بعد دخول الجنة وذلك بيان لخلاصهم عن المهالك والمعاطب . 
وقوله تعالى : وهم في ما اشتهت أنفسهم خالدون  بيان بفوزهم بالمطالب بعد ذلك الخلاص ، والمراد أنهم دائمون في غاية التنعم ، وتقديم الظرف للقصر والاهتمام ورعاية الفواصل . 
				
						
						
