قال رب احكم بالحق حكاية لدعائه صلى الله عليه وسلم . وقرأ الأكثر (قل ) على صيغة الأمر . والحكم القضاء . والحق العدل أي رب اقض بيننا وبين أهل مكة بالعدل المقتضي لتعجيل العذاب والتشديد عليهم فهو دعاء بالتعجيل والتشديد وإلا فكل قضائه تعالى عدل وحق . وقد استجيب ذلك حيث عذبوا ببدر أي تعذيب .
وقرأ ( رب ) بالضم على أنه منادى مفرد كما قال صاحب اللوامح ، وتعقبه بأن حذف حرف النداء من اسم الجنس شاذ بابه الشعر . وقال أبو جعفر : إنه ليس بمنادى مفرد بل هو منادى مضاف إلى الياء حذف المضاف إليه وبني على الضم كقبل وبعد وذلك لغة حكاها أبو حيان في المضاف إلى ياء المتكلم حال ندائه ولا شذوذ فيه . وقرأ سيبويه ابن عباس وعكرمة والجحدري وابن محيصن ( ربي ) بياء ساكنة ( أحكم ) على صيغة التفضيل أي أنفذ أو أعدل حكما أو أعظم حكمة . فربي أحكم مبتدأ وخبر .
وقرأت فرقة (أحكم ) فعلا ماضيا وربنا الرحمن مبتدأ وخبر أي كثير الرحمة على عباده . وقوله سبحانه : المستعان أي المطلوب منه العون خبر آخر للمبتدأ . وجوز كونه صفة للرحمن بناء على إجرائه مجرى العلم .
وإضافة الرب فيما سبق إلى ضميره صلى الله عليه وسلم خاصة لما أن الدعاء من الوظائف الخاصة به عليه الصلاة والسلام كما أن إضافته ها هنا إلى ضمير الجمع المنتظم للمؤمنين أيضا لما أن الاستعانة من الوظائف العامة لهم .
على ما تصفون من الحال فإنهم كانوا يقولون : إن الشركة تكون لهم وإن راية الإسلام تخفق ثم تسكن وإن المتوعد به لو كان حقا لنزل بهم إلى غير ذلك مما لا خير فيه فاستجاب الله عز وجل دعوة رسوله صلى الله عليه وسلم فخيب آمالهم وغير أحوالهم ونصر أولياءه عليهم فأصابهم يوم بدر ما أصابهم ، والجملة اعتراض تذييلي مقرر لمضمون ما قبله .
وروي أن النبي عليه الصلاة والسلام قرأ على رضي الله تعالى عنه (يصفون ) بياء الغيبة ورويت عن أبي ابن عامر . هذا وفي جعل خاتم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وما يتعلق به خاتمة لسورة الأنبياء طيب كما قال وعاصم الطيبي يتضوع منه مسك الختام .