إن الله يدافع عن الذين آمنوا كلام مستأنف مسوق لتوطين قلوب المؤمنين ببيان أن الله تعالى ناصرهم على أعدائهم بحيث لا يقدرون على صدهم عن الحج وذكر أن ذلك متصل بقوله تعالى : إن الذين كفروا ويصدون [الحج : 25] وإن ما وقع في البين من ذكر الشعائر مستطردا لمزيد تهجين فعلهم وتقبيحهم لازدياد قبح الصد بازدياد تعظيم ما صد عنه ، وتصديره لكلمة التحقيق لإبراز الاعتناء التام بمضمونه ، وصيغة المفاعلة إما للمبالغة أو للدلالة على تكرر الدفع فإنها قد تتجرد عن وقوع الفعل المتكرر من الجانبين فيبقى تكرره كالممارسة أي إن الله تعالى يبالغ في دفع غائلة المشركين وضررهم الذي من جملته الصد عن سبيل الله تعالى والمسجد الحرام مبالغة من يغالب فيه أو يدفعها عنهم مرة بعد أخرى حسبما يتجدد منهم القصد إلى الإضرار بهم كما في قوله تعالى : كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله [المائدة : 64] .
وقرأ أبو عمرو «يدفع » والمفعول محذوف كما أشير إليه ، وفي البحر أنه لم يذكر ما يدفعه سبحانه عنهم ليكون أفخم وأعظم وأعم ، وأنت تعلم أن المقام لا يقتضي العموم بل هو غير صحيح . وابن كثير
وقوله تعالى : إن الله لا يحب كل خوان كفور تعليل لما في ضمن الوعد الكريم من الوعيد للمشركين وإيذان بأن دفعهم بطريق القهر والخزي . وقيل : تعليل للدفاع عن المؤمنين ببغض المدفوعين على وجه يتضمن أن العلة في ذلك الخيانة والكفر ، وأوثر ( لا يحب ) على يبغض تنبيها على مكان التعريض وأن المؤمنين هم أحباء الله تعالى ، ولعل الأول أولى لإيهام هذا أن الآية من قبيل قولك : إني أدفع زيدا عن و لبغضي زيدا وليس في ذلك كثير عناية بعمر و أي إن الله تعالى يبغض كل خوان في أماناته تعالى وهي أوامره تعالى شأنه ونواهيه أو في جميع الأمانات التي هي معظمها كفور لنعمه عز وجل ، وصيغة المبالغة فيهما لبيان أن المشركين كذلك لا للتقيد المشعر بمحبة الخائن والكافر أو لأن خيانة أمانة الله تعالى وكفران نعمته لا يكونان حقيرين بل هما أمران عظيمان أو لكثرة ما خانوا فيه من الأمانات وما كفروا به من النعم أو للمبالغة في نفي المحبة على اعتبار النفي أولا وإيراد معنى المبالغة ثانيا كما قيل في قوله تعالى : عمر وما ربك بظلام للعبيد [فصلت : 46] وقد علمت ما فيه .
وأيا ما كان فالمراد نفي الحب عن كل فرد فرد من الخونة الكفرة