ليجعل ما يلقي الشيطان أي الذي يلقيه . وقيل : إلقاءه فتنة أي عذابا . وفي البحر ابتلاء واختبار للذين في قلوبهم مرض أي شك ونفاق وهو المناسب لقوله تعالى في المنافقين في قلوبهم مرض وتخصيص المرض بالقلب مؤيد له لعدم إظهار كفرهم بخلاف الكافر المجاهر والقاسية قلوبهم أي الكفار المجاهرين ، وقيل : المراد من الأولين عامة الكفار ومن الأخيرين خواصهم كأبي جهل والنضر وعتبة ، وحمل الأولين على الكفار مطلقا والأخيرين على المنافقين لأنهم أحق بوصف القسوة لعدم انجلاء صدأ قلوبهم بصيقل المخالطة للمؤمنين ليس بشيء .
وإن الظالمين أي الفريقين المذكورين فوضع الظاهر موضع ضميرهم تسجيلا عليهم بالظلم مع ما وصفوا به من المرض والقسوة لفي شقاق بعيد أي عداوة شديدة ومخالفة تامة ، ووصف الشقاق بالبعد مع أن الموصوف به حقيقة هو معروضه للمبالغة ، والجملة اعتراض تذييلي مقرر لمضمون ما قبله ، ولام ( ليجعل ) للتعليل وهو عند متعلق بيحكم وعند الحوفي بينسخ وعند غيرهما بألقي لكن التعليل لما ينبئ عنه إلقاء الشيطان من تمكينه تعالى إياه من ذلك في حق النبي صلى الله عليه وسلم خاصة لعطف
ابن عطية