ومن باب الإشارة أن الصلوات خمس؛ صلاة السر بشهوده مقام الغيب، وصلاة النفس بخمودها عن دواعي الريب، وصلاة القلب بمراقبته أنوار الكشف، وصلاة الروح بمشاهدة الوصل، وصلاة البدن بحفظ الحواس وإقامة الحدود، فالمعنى: حافظوا على هذه الصلوات الخمس، والصلاة الوسطى التي هي صلاة القلب التي شرطها الطهارة عن الميل إلى السوى، وحقيقتها التوجه إلى المولى؛ ولهذا تبطل بالخطرات والانحراف عن كعبة الذات
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=238وقوموا لله بالتوجه إليه قانتين؛ أي: مطيعين له ظاهرا وباطنا؛ بدفع الخواطر
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=239فإن خفتم صدمات الجلال حال سفركم إلى الله تعالى؛ فصلوا راجلين في بيداء
[ ص: 164 ] المسير، سائرين على أقدام الصدق، أو راكبين على مطايا العزم، ولا يصدنكم الخوف عن ذلك
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=239فإذا أمنتم بعد الرجوع عن ذلك السفر إلى الوطن الأصلي بكشف الحجاب؛
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=239فاذكروا الله أي: فصلوا له بكليتكم حتى تفنوا فيه، أو فإذا أمنتم بالرجوع إلى البقاء بعد الفناء؛ فاذكروا الله تعالى؛ لحصول الفرق بعد الجمع حينئذ، وأما قبل ذلك فلا ذكر، إذ لا امتياز ولا تفضيل ، وقد قيل للمجنون: أتحب ليلى؟ فقال: ومن ليلى؟! أنا ليلى، وقال بعضهم:
أنا من أهوى ومن أهوى أنا نحن روحان حللنا بدنا فإذا أبصرتني أبصرته
وإذا أبصرته أبصرتنا
.
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=243ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم أي: أوطانهم المألوفة، ومقار نفوسهم المعهودة، ومقاماتهم ومراتبهم من الدنيا، وما ركنوا إليها بدواعي الهوى، وهم قوم ألوف كثيرة، أو متحابون متألفون في الله تعالى؛ حذر موت الجهل والانقطاع عن الحياة الحقيقية، والوقوع في المهاوي الطبيعية
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=243فقال لهم الله موتوا أي: أمرهم بالموت الاختياري، أو أماتهم عن ذواتهم بالتجلي الذاتي، حتى فنوا فيه
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=243ثم أحياهم بالحياة الحقيقية العلمية، أو به بالوجود الحقاني، والبقاء بعد الفناء
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=243إن الله لذو فضل على سائر الناس؛ بتهيئة أسباب إرشادهم
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=243ولكن أكثر الناس لا يشكرون لمزيد غفلتهم عما يراد بهم
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=244وقاتلوا في سبيل الله النفس والشيطان
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=244واعلموا أن الله سميع هواجس نفوس المقاتلين في سبيله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=244عليم بما في قلوبهم
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=245من ذا الذي يقرض الله ويبذل نفسه له بذلا خالصا عن الشركة
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=245فيضاعفه له أضعافا كثيرة بظهور نعوت جماله وجلاله فيه
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=245والله يقبض أرواح الموحدين بقبضته الجبروتية في نور الأزلية،
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=245ويبسط أسرار العارفين من قبضة الكبرياء، وينشرها في مشاهدة ثناء الأبدية، ويقال: القبض سره، والبسط كشفه، وقيل: القبض للمريدين، والبسط للمرادين، أو الأول للمشتاقين، والثاني للعارفين، والمشهور أن القبض والبسط حالتان بعد ترقي العبد عن حالة الخوف والرجاء، فالقبض للعارف كالخوف للمستأمن، والفرق بينهما أن الخوف والرجاء يتعلقان بأمر مستقبل مكروه أو محبوب، والقبض والبسط بأمر حاضر في الوقت، يغلب على قلب العارف من وارد غيبي، وكان الأول من آثار الجلال، والثاني من آثار الجمال
وَمِنْ بَابِ الْإِشَارَةِ أَنَّ الصَّلَوَاتِ خَمْسٌ؛ صَلَاةُ السِّرِّ بِشُهُودِهِ مَقَامَ الْغَيْبِ، وَصَلَاةُ النَّفْسِ بِخُمُودِهَا عَنْ دَوَاعِي الرَّيْبِ، وَصَلَاةُ الْقَلْبِ بِمُرَاقَبَتِهِ أَنْوَارَ الْكَشْفِ، وَصَلَاةُ الرُّوحِ بِمُشَاهَدَةِ الْوَصْلِ، وَصَلَاةُ الْبَدَنِ بِحِفْظِ الْحَوَاسِّ وَإِقَامَةِ الْحُدُودِ، فَالْمَعْنَى: حَافِظُوا عَلَى هَذِهِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى الَّتِي هِيَ صَلَاةُ الْقَلْبِ الَّتِي شَرْطُهَا الطَّهَارَةُ عَنِ الْمَيْلِ إِلَى السِّوَى، وَحَقِيقَتُهَا التَّوَجُّهُ إِلَى الْمَوْلَى؛ وَلِهَذَا تَبْطُلُ بِالْخَطَرَاتِ وَالِانْحِرَافِ عَنْ كَعْبَةِ الذَّاتِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=238وَقُومُوا لِلَّهِ بِالتَّوَجُّهِ إِلَيْهِ قَانِتِينَ؛ أَيْ: مُطِيعِينَ لَهُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا؛ بِدَفْعِ الْخَوَاطِرِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=239فَإِنْ خِفْتُمْ صَدَمَاتِ الْجَلَالِ حَالَ سَفَرِكُمْ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى؛ فَصَّلُوا رَاجِلِينَ فِي بَيْدَاءِ
[ ص: 164 ] الْمَسِيرِ، سَائِرِينَ عَلَى أَقْدَامِ الصِّدْقِ، أَوْ رَاكِبِينَ عَلَى مَطَايَا الْعَزْمِ، وَلَا يَصُدَّنَّكُمُ الْخَوْفُ عَنْ ذَلِكَ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=239فَإِذَا أَمِنْتُمْ بَعْدَ الرُّجُوعِ عَنْ ذَلِكَ السَّفَرِ إِلَى الْوَطَنِ الْأَصْلِيِّ بِكَشْفِ الْحِجَابِ؛
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=239فَاذْكُرُوا اللَّهَ أَيْ: فَصَّلُوا لَهُ بِكُلِّيَّتِكُمْ حَتَّى تَفْنَوْا فِيهِ، أَوْ فَإِذَا أَمِنْتُمْ بِالرُّجُوعِ إِلَى الْبَقَاءِ بَعْدَ الْفَنَاءِ؛ فَاذْكُرُوا اللَّهَ تَعَالَى؛ لِحُصُولِ الْفَرْقِ بَعْدَ الْجَمْعِ حِينَئِذٍ، وَأَمَّا قَبْلَ ذَلِكَ فَلَا ذِكْرَ، إِذْ لَا امْتِيَازَ وَلَا تَفْضِيلَ ، وَقَدْ قِيلَ لِلْمَجْنُونِ: أَتُحِبُّ لَيْلَى؟ فَقَالَ: وَمَنْ لَيْلَى؟! أَنَا لَيْلَى، وَقَالَ بَعْضُهُمْ:
أَنَا مَنْ أَهْوَى وَمَنْ أَهْوَى أَنَا نَحْنُ رُوحَانِ حَلَّلْنَا بَدَنَا فَإِذَا أَبْصَرْتَنِي أَبْصَرْتَهُ
وَإِذَا أَبْصَرْتَهُ أَبْصَرْتَنَا
.
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=243أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ أَيْ: أَوْطَانِهِمُ الْمَأْلُوفَةِ، وَمَقَارِّ نُفُوسِهِمُ الْمَعْهُودَةِ، وَمَقَامَاتِهِمْ وَمَرَاتِبِهِمْ مِنَ الدُّنْيَا، وَمَا رَكَنُوا إِلَيْهَا بِدَوَاعِي الْهَوَى، وَهُمْ قَوْمٌ أُلُوفٌ كَثِيرَةٌ، أَوْ مُتَحَابُّونَ مُتَأَلِّفُونَ فِي اللَّهِ تَعَالَى؛ حَذَرَ مَوْتِ الْجَهْلِ وَالِانْقِطَاعِ عَنِ الْحَيَاةِ الْحَقِيقِيَّةِ، وَالْوُقُوعِ فِي الْمَهَاوِي الطَّبِيعِيَّةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=243فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا أَيْ: أَمَرَهُمْ بِالْمَوْتِ الِاخْتِيَارِيِّ، أَوْ أَمَاتَهُمْ عَنْ ذَوَاتِهِمْ بِالتَّجَلِّي الذَّاتِيِّ، حَتَّى فَنُوا فِيهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=243ثُمَّ أَحْيَاهُمْ بِالْحَيَاةِ الْحَقِيقِيَّةِ الْعِلْمِيَّةِ، أَوْ بِهِ بِالْوُجُودِ الْحَقَّانِيِّ، وَالْبَقَاءُ بَعْدَ الْفَنَاءِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=243إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى سَائِرِ النَّاسِ؛ بِتَهْيِئَةِ أَسْبَابِ إِرْشَادِهِمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=243وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ لِمَزِيدِ غَفْلَتِهِمْ عَمَّا يُرَادُ بِهِمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=244وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ النَّفْسَ وَالشَّيْطَانَ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=244وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ هَوَاجِسَ نُفُوسِ الْمُقَاتِلِينَ فِي سَبِيلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=244عَلِيمٌ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=245مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ وَيَبْذُلُ نَفْسَهُ لَهُ بَذْلًا خَالِصًا عَنِ الشَّرِكَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=245فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً بِظُهُورِ نُعُوتِ جَمَالِهِ وَجَلَالِهِ فِيهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=245وَاللَّهُ يَقْبِضُ أَرْوَاحَ الْمُوَحِّدِينَ بِقَبْضَتِهِ الْجَبَرُوتِيَّةِ فِي نُورِ الْأَزَلِيَّةِ،
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=245وَيَبْسُطُ أَسْرَارَ الْعَارِفِينَ مِنْ قَبْضَةِ الْكِبْرِيَاءِ، وَيَنْشُرُهَا فِي مُشَاهَدَةِ ثَنَاءِ الْأَبَدِيَّةِ، وَيُقَالُ: الْقَبْضُ سِرُّهُ، وَالْبَسْطُ كَشْفُهُ، وَقِيلَ: الْقَبْضُ لِلْمُرِيدِينَ، وَالْبَسْطُ لِلْمُرَادِينَ، أَوِ الْأَوَّلُ لِلْمُشْتَاقِينَ، وَالثَّانِي لِلْعَارِفِينَ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّ الْقَبْضَ وَالْبَسْطَ حَالَتَانِ بَعْدَ تَرَقِّي الْعَبْدِ عَنْ حَالَةِ الْخَوْفِ وَالرَّجَاءِ، فَالْقَبْضُ لِلْعَارِفِ كَالْخَوْفِ لِلْمُسْتَأْمِنِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْخَوْفَ وَالرَّجَاءَ يَتَعَلَّقَانِ بِأَمْرٍ مُسْتَقْبَلٍ مَكْرُوهٍ أَوْ مَحْبُوبٍ، وَالْقَبْضُ وَالْبَسْطُ بِأَمْرٍ حَاضِرٍ فِي الْوَقْتِ، يَغْلِبُ عَلَى قَلْبِ الْعَارِفِ مِنْ وَارِدٍ غَيْبِيٍّ، وَكَانَ الْأَوَّلُ مِنْ آثَارِ الْجَلَالِ، وَالثَّانِي مِنْ آثَارِ الْجَمَالِ