تلك آيات الله إشارة إلى ما سلف من حديث الألوف وموتهم، وإحيائهم، وتمليك طالوت، وإظهاره بالآية، وإهلاك الجبابرة على يد صبي، وما فيه من البعد للإيذان بعلو شأن المشار إليه، وقيل: إشارة إلى ما مر من أول السورة إلى هنا، وفيه بعد، والجملة على التقديرين مستأنفة، وقوله تعالى: نتلوها عليك أي: بواسطة جبريل _ عليه السلام _ إما حال من الآيات، والعامل معنى الإشارة، وإما جملة مستأنفة، لا محل لها من الإعراب بالحق في موضع النصب على أنه حال من مفعول ( نتلوها ) أي: متلبسة باليقين الذي لا يرتاب فيه أحد من أهل الكتاب وأرباب التواريخ، لما يجدونها موافقة لما عندهم، أو لا ينبغي أن يرتاب فيه، أو من فاعله؛ أي: نتلوها عليك متلبسين بالحق والصواب، وهو معنا أو من الضمير المجرور؛ أي: متلبسا بالحق وهو معك [ ص: 175 ] وإنك لمن المرسلين حيث تخبر بتلك الآيات، وقصص القرون الماضية، وأخبارها على ما هي عليه، من غير مطالعة كتاب، ولا اجتماع بأحد يخبر بذلك، ووجه مناسبة هذه القصة لما قبلها ظاهرة، وذلك لأنه تعالى لما أمر المؤمنين بالقتال في سبيله وكان قد قدم قبل ذلك قصة الذين خرجوا من ديارهم حذر الموت إما بالطاعون أو القتال على سبيل التشجيع والتثبيت للمؤمنين والإعلام أنه لا ينجي حذر من قدر؛ أردف ذلك بأن القتال كان مطلوبا مشروعا في الأمم السابقة، فليس من الأحكام التي خصصتم بها؛ لأن ما وقع فيه الاشتراك كانت النفس أميل لقبوله من التكليف الذي يقع به الانفراد.