وأخرج في (نوادر الأصول) عن الحكيم الترمذي سهل بن سعد ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: « فيها بيوت من ياقوتة حمراء أو زبرجدة خضراء أو درة بيضاء ليس فيها فصم ولا وصم ».
وقيل: أعلى منازل الجنة، ولا يأباه الخبر؛ لجواز أن تكون الغرف الموصوفة فيه هناك، وروي عن أنها الجنة، وقيل: السماء السابعة، وعلى تفسيرها بجمع - ويؤيده قوله تعالى: الضحاك وهم في الغرفات آمنون وقرئ فيه: (في الغرفة) - يكون المراد بها الجنس وهو يطلق على الجمع كما سمعت آنفا، وإيثار الجمع هنالك - على ما قال الطيبي - لأنها رتبت على الإيمان والعمل الصالح، ولا خفاء في تفاوت الناس فيهما، وعلى ذلك تتفاوت الأجزية، وهاهنا رتب على مجموع الأوصاف الكاملة فلذا جيء بالواحد دلالة على أن الغرف لا تتفاوت بما صبروا أي بسبب صبرهم، على أن الباء للسببية وما مصدرية، وقيل: هي للبدل كما في قوله:
[ ص: 54 ]
فليت لي بهم قوما إذا ركبوا شنوا الإغارة فرسانا وركبانا
أي: بدل صبرهم، ولم يذكر متعلق الصبر؛ ليعم ما سلف من عبادتهم فعلا وتركا وغيره من أنواع العبادة، والكل مدمج فيه، فإنه إما عن المعاصي، وإما على الطاعات، وإما على الله - تبارك وتعالى - وهو أعلى منهما، ويعلم من ذلك وجه إيثار ( صبروا ) على فعلوا.
ويلقون فيها تحية وسلاما أي: تحييهم الملائكة - عليهم السلام - ويدعون لهم بطول الحياة والسلامة عن الآفات، أو يحيي بعضهم بعضا ويدعو له بذلك، والمراد من الدعاء به التكريم وإلقاء السرور والمؤانسة، وإلا فهو متحقق لهم، ويعطون التبقية والتخليد مع السلامة من كل آفة فليس هناك دعاء أصلا.
وقرأ ، طلحة ومحمد اليماني ، وأهل الكوفة غير حفص «يلقون» بفتح الياء وسكون اللام وتخفيف القاف