ففررت أي خرجت هاربا منكم لما خفتكم أي: حين توقعت مكروها منكم، وذلك حين قيل له: «إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك» ومن هنا يعلم وجه جمع ضمير الخطاب، وقرأ في رواية (لما) بكسر اللام وتخفيف الميم على أن اللام حرف جر وما مصدرية، أي: لخوفي إياكم حمزة فوهب لي ربي حكما أي: نبوة، أو علما وفهما للأشياء على ما هي عليه، والأول مروي عن ، وتأول بعضهم ذلك بأنه أراد علما هو من خواص النبوة، فيكون الحكم بهذا المعنى أخص منه بالمعنى الثاني، وقرأ السدي عيسى «حكما» بضم الكاف وجعلني من المرسلين إشارة على ظاهر الأول من تفسيري الحكم إلى تفضله تعالى عليه برتبة هي فوق رتبة النبوة، أعني رتبة الرسالة، ولم يقل: فوهب لي ربي حكما ورسالة، أو وجعلني رسولا؛ إعظاما لأمر الرسالة، وتنبيها لفرعون على أن رسالته - عليه السلام - ليس أمرا مبتدعا، بل هو مما جرت به سنة الله تعالى شأنه، وحاصل الرد أن ما ذكرت من نسبة القتل إلي مسلم ، لكنه ليس مما أوبخ به ويقدح في نبوتي؛ لأنه كان قبل النبوة من غير تعمد، حيث كان الوكز للتأديب وترتب عليه ذلك.
ورد ثانيا امتنانه الذي تضمنه قوله: ألم نربك فينا وليدا إلخ، فقال: