قالوا سواء علينا أوعظت أم لم تكن من الواعظين فإنا لا نرعوي عما نحن عليه، قالوا ذلك على سبيل الاستخفاف وعدم المبالاة بما خوفهم به - عليه السلام - وعدلوا عن (أم لم تعظ) الذي يقتضيه الظاهر للمبالغة في بيان قلة اعتدادهم بوعظه - عليه السلام - لما في كلامهم - على ما في النظم الجليل - من استواء وعظه وعدمه، والعدم الصرف البليغ وهو عدم كونه من عداد الواعظين وجنسهم، وقيل: في وجه المبالغة إفادة كان الاستمرار والواعظين الكمال واعتبارهما بقرينة المقام بعد النفي، أي: سواء علينا أوعظت أم استمر انتفاء كونك من زمرة من يعظ انتفاء كاملا بحيث لا يرجى منك نقيضه، وقال في البحر: إن المقابلة بما ذكر لأجل الفاصلة كما في قوله تعالى: سواء عليكم أدعوتموهم أم أنتم صامتون وكثيرا ما يحسن مع الفواصل ما لا يحسن دونه، وليس بشيء كما لا يخفى.
وروي عن أبي عمرو إدغام الظاء في التاء في «وعظت» وبالإدغام قرأ ابن محيصن، والكسائي إلا أن والأعمش زاد ضمير المفعول فقرأ «أوعظتنا» وينبغي أن يكون إخفاء؛ لأن الظاء مجهورة مطبقة والتاء مهموسة منفتحة، فالظاء أقوى منها، والإدغام إنما يحسن في المتماثلين أو في المتقاربين إذا كان الأول أنقص من الثاني. الأعمش
[ ص: 112 ] وأما إدغام الأقوى في الأضعف فلا يحسن، وإذا جاء شيء من ذلك في القرآن بنقل الثقات وجب قبوله وإن كان غيره أفصح وأقيس.