وقوله تعالى:
nindex.php?page=treesubj&link=18940_34106_28997nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=224والشعراء يتبعهم الغاوون مسوق لتنزيهه - عليه الصلاة والسلام أيضا - عن أن يكون - وحاشاه - من الشعراء، وإبطال زعم الكفرة أن القرآن من قبيل الشعر.
والمتبادر منه الكلام المنظوم المقفى، ولذلك قال كثير من المفسرين: إنهم رموه - عليه الصلاة والسلام - بكونه آتيا بشعر منظوم مقفى حتى تأولوا عليه ما جاء في القرآن مما يكون موزونا بأدنى تصرف كقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=33ولا تقتلوا النفس التي حرم الله ويكون بهذا الاعتبار شطرا من الطويل، وكقوله سبحانه:
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=76إن قارون كان من قوم موسى ويكون من المديد، وكقوله عز وجل:
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=25فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم ويكون من البسيط، وقوله تبارك وتعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=60ألا بعدا لعاد قوم هود ويكون من الوافر، وقوله جل وعلا:
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=56صلوا عليه وسلموا تسليما ويكون من الكامل، إلى غير ذلك مما استخرجوه منه من سائر البحور، وقد استخرجوا منه ما يشبه البيت التام كقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=14ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين .
وتعقب ذلك بأنهم لم يقصدوا هذا المقصد فيما رموه به - صلى الله عليه وسلم - إذ لا يخفى على الأغبياء من العجم - فضلا عن بلغاء
العرب - أن
nindex.php?page=treesubj&link=32238_32234_28424_32232_20753القرآن الذي جاء به - صلى الله عليه وسلم - ليس على أساليب الشعر ، وهم ما قالوا فيه - عليه الصلاة والسلام - شاعر إلا لما جاءهم بالقرآن، واستخراج ما ذكر ونحوه منه ليس إلا لمزيد فصاحته وسلاسته ولم يؤت به لقصد النظم.
ولو اعتبر في كون الكلام شعرا إمكان استخراج كلام منظوم منه لكان كثير من الأطفال شعراء؛ فإن كثيرا
[ ص: 146 ] من كلامهم يمكن فيه ذلك، والظاهر أنهم إنما قصدوا رميه - صلى الله تعالى عليه وسلم - بأنه - وحاشاه ثم حاشاه - يأتي بكلام مخيل لا حقيقة له، ولما كان ذلك غالبا في الشعراء الذين يأتون بالمنظوم من الكلام عبروا عنه - عليه الصلاة والسلام – بشاعر، وعما جاء به بالشعر، ومعنى الآية: والشعراء يجاريهم ويسلك مسلكهم ويكون من جملتهم الغاوون الضالون عن السنن، الحائرون فيما يأتون وما يذرون، ولا يستمرون على وتيرة واحدة في الأفعال والأقوال والأحوال، لا غيرهم من أهل الرشد المهتدين إلى طريق الحق الثابتين عليه.
والحصر مستفاد من بناء
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=224يتبعهم إلخ على الشعراء عند
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري ، كما قرره في تفسير قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=15الله يستهزئ بهم وقوله سبحانه:
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=20والله يقدر الليل والنهار ومن لا يرى الحصر في مثل هذا التركيب يأخذه من الوصف المناسب، أعني أن الغواية جعلت علة للاتباع فإذا انتفت انتفى.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=treesubj&link=18940_34106_28997nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=224وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ مَسُوقٌ لِتَنْزِيهِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَيْضًا - عَنْ أَنْ يَكُونَ - وَحَاشَاهُ - مِنَ الشُّعَرَاءِ، وَإِبْطَالِ زَعْمِ الْكَفَرَةِ أَنَّ الْقُرْآنَ مِنْ قَبِيلِ الشِّعْرِ.
وَالْمُتَبَادَرُ مِنْهُ الْكَلَامُ الْمَنْظُومُ الْمُقَفَّى، وَلِذَلِكَ قَالَ كَثِيرٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ: إِنَّهُمْ رَمَوْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بِكَوْنِهِ آتِيًا بِشِعْرٍ مَنْظُومٍ مُقَفًّى حَتَّى تَأَوَّلُوا عَلَيْهِ مَا جَاءَ فِي الْقُرْآنِ مِمَّا يَكُونُ مَوْزُونًا بِأَدْنَى تَصَرُّفٍ كَقَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=33وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ وَيَكُونُ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ شَطْرًا مِنَ الطَّوِيلِ، وَكَقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=76إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى وَيَكُونُ مِنَ الْمَدِيدِ، وَكَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ:
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=25فَأَصْبَحُوا لا يُرَى إِلا مَسَاكِنُهُمْ وَيَكُونُ مِنَ الْبَسِيطِ، وَقَوْلِهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=60أَلا بُعْدًا لِعَادٍ قَوْمِ هُودٍ وَيَكُونُ مِنَ الْوَافِرِ، وَقَوْلِهِ جَلَّ وَعَلَا:
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=56صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا وَيَكُونُ مِنَ الْكَامِلِ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا اسْتَخْرَجُوهُ مِنْهُ مِنْ سَائِرِ الْبُحُورِ، وَقَدِ اسْتَخْرَجُوا مِنْهُ مَا يُشْبِهُ الْبَيْتَ التَّامَّ كَقَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=14وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ .
وَتُعُقِّبَ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَمْ يَقْصِدُوا هَذَا الْمَقْصِدَ فِيمَا رَمَوْهُ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذْ لَا يَخْفَى عَلَى الْأَغْبِيَاءِ مِنَ الْعَجَمِ - فَضْلًا عَنْ بُلَغَاءِ
الْعَرَبِ - أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=32238_32234_28424_32232_20753الْقُرْآنَ الَّذِي جَاءَ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيْسَ عَلَى أَسَالِيبِ الشِّعْرِ ، وَهُمْ مَا قَالُوا فِيهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - شَاعِرٌ إِلَّا لَمَّا جَاءَهُمْ بِالْقُرْآنِ، وَاسْتِخْرَاجُ مَا ذُكِرَ وَنَحْوُهُ مِنْهُ لَيْسَ إِلَّا لِمَزِيدِ فَصَاحَتِهِ وَسَلَاسَتِهِ وَلَمْ يُؤْتَ بِهِ لِقَصْدِ النَّظْمِ.
وَلَوِ اعْتُبِرَ فِي كَوْنِ الْكَلَامِ شِعْرًا إِمْكَانُ اسْتِخْرَاجِ كَلَامٍ مَنْظُومٍ مِنْهُ لَكَانَ كَثِيرٌ مِنَ الْأَطْفَالِ شُعَرَاءَ؛ فَإِنَّ كَثِيرًا
[ ص: 146 ] مِنْ كَلَامِهِمْ يُمْكِنُ فِيهِ ذَلِكَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمْ إِنَّمَا قَصَدُوا رَمْيَهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَنَّهُ - وَحَاشَاهُ ثُمَّ حَاشَاهُ - يَأْتِي بِكَلَامٍ مُخَيَّلٍ لَا حَقِيقَةَ لَهُ، وَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ غَالِبًا فِي الشُّعَرَاءِ الَّذِينَ يَأْتُونَ بِالْمَنْظُومِ مِنَ الْكَلَامِ عَبَّرُوا عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ – بِشَاعِرٍ، وَعَمَّا جَاءَ بِهِ بِالشِّعْرِ، وَمَعْنَى الْآيَةِ: وَالشُّعَرَاءُ يُجَارِيهِمْ وَيَسْلُكُ مَسْلَكَهُمْ وَيَكُونُ مِنْ جُمْلَتِهِمُ الْغَاوُونَ الضَّالُّونَ عَنِ السُّنَنِ، الْحَائِرُونَ فِيمَا يَأْتُونَ وَمَا يَذَرُونَ، وَلَا يَسْتَمِرُّونَ عَلَى وَتِيرَةٍ وَاحِدَةٍ فِي الْأَفْعَالِ وَالْأَقْوَالِ وَالْأَحْوَالِ، لَا غَيْرُهُمْ مِنْ أَهْلِ الرُّشْدِ الْمُهْتَدِينَ إِلَى طَرِيقِ الْحَقِّ الثَّابِتِينَ عَلَيْهِ.
وَالْحَصْرُ مُسْتَفَادٌ مِنْ بِنَاءِ
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=224يَتَّبِعُهُمُ إِلَخْ عَلَى الشُّعَرَاءِ عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيِّ ، كَمَا قَرَّرَهُ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=15اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=20وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَمَنْ لَا يَرَى الْحَصْرَ فِي مِثْلِ هَذَا التَّرْكِيبِ يَأْخُذُهُ مِنَ الْوَصْفِ الْمُنَاسِبِ، أَعْنِي أَنَّ الْغَوَايَةَ جُعِلَتْ عِلَّةً لِلِاتِّبَاعِ فَإِذَا انْتَفَتِ انْتَفَى.