ولقد أرسلنا عطف على قوله تعالى: ولقد آتينا داود وسليمان علما مسوق لما سيق هو له، واللام واقعة في جواب قسم محذوف، أي: وبالله لقد أرسلنا إلى ثمود أخاهم صالحا وإنما أقسم على ذلك؛ اعتناء بشأن الحكم و(صالحا) بدل من (أخاهم) أو عطف بياني، وأن في قوله تعالى: أن اعبدوا الله مفسرة لما في الإرسال من معنى القول دون حروفه.
وجوز كونها مصدرية حذف منها حرف الجر، أي بأن، وقيل: لأن، ووصلها بالأمر جائز، لا ضير فيه كما مر.
[ ص: 211 ] وقرئ بضم النون إتباعا لها للباء.
فإذا هم فريقان يختصمون أي: فاجأ إرسالنا تفرقهم واختصامهم، فآمن فريق وكفر فريق، وكان ما حكى الله تعالى في محل آخر بقوله سبحانه: قال الملأ الذين استكبروا من قومه للذين استضعفوا لمن آمن منهم الآية.
(فإذا) فجائية، والعامل فيها مقدر لا (يختصمون) خلافا لأبي البقاء ؛ لأنه صفة (فريقان) كما قال، ومعمول الصفة لا يتقدم على الموصوف، وقيل: هذا حيث لا يكون المعمول ظرفا، وضمير (يختصمون) لمجموع الفريقين، ولم يقل: (يختصمان) للفاصلة، ويوهم كلام بعضهم أن الجملة خبر ثان وهو كما ترى.
و(هم) راجع إلى ثمود؛ لأنه اسم للقبيلة، وقيل: إلى هؤلاء المذكورين ليشمل صالحا - عليه السلام - والفريقان حينئذ أحدهما صالح وحده، وثانيهما قومه.
والحامل على هذا - كما ذكره ابن عادل - العطف بالفاء، فإنها تؤذن أنهم عقيب الإرسال بلا مهلة صاروا فريقين، ولا يصير قومه - عليه السلام - فريقين إلا بعد زمان.
وفيه أنه يأباه قوله تعالى: اطيرنا بك وبمن معك وتعقيب كل شيء بحسبه، على أنه يجوز كون الفاء لمجرد الترتيب.