ونري فرعون وهامان وجنودهما إضافة الجنود إلى ضميرهما إما للتغليب أو لأنه كان لهامان جند مخصوصون به وإن كان وزيرا أو لأن جند السلطان جند الوزير، ونري من الرؤية البصرية على ما هو المناسب للبلاغة، وجوز أن يكون من الرؤية القلبية التي هي بمعنى المعرفة، وعلى الوجهين هو ناصب لمفعولين لمكان الهمزة ففرعون وما عطف عليه مفعوله الأول، وقوله تعالى: منهم أي من أولئك المستضعفين متعلق به، وقوله تعالى: ما كانوا يحذرون أي يتوقون من ذهاب ملكهم وهلكهم على يد مولود منهم مفعوله الثاني، والرؤية على تقدير كونها بصرية لمقدمات ذلك وعلاماته في الحقيقة لكنها جعلت له مبالغة ومثله مستفيض بينهم حتى يقال رأى موته بعينه وشاهد هلاكه وعليه قول بعض المتأخرين:
[ ص: 45 ]
أبكاني البين حتى رأيت غسلي بعيني
وقيل: المراد رؤية وقت ذلك، وليس بذاك، والأمر على تقدير كونها بمعنى المعرفة ظاهر. لأنهم قد عرفوا ذهاب ملكهم وهلاكهم، لما شاهدوه من ظهور أولئك المستضعفين عليهم، وطلوع طلائعه من طرق خذلانهم. وفسر بعضهم الموصول بظهور موسى عليه السلام، وهو خلاف الظاهر المؤيد بالآثار وكأن ذلك منه لخفاء وجه تعلق رؤية فرعون ومن معه بذهاب ملكهم وهلكهم عليه وقد علمت وجهه، وقرأ عبد الله وحمزة ويرى- بالياء مضارع رأى، والكسائي- وفرعون بالرفع على الفاعلية، وكذا ما عطف عليه