وردئي كل أبيض مشرفي شديد الحد عضب ذي فلول
ويقال: ردأت الحائط أردؤه إذا دعمته بخشبة لئلا يسقط. وفي قوله: أفصح مني دلالة على أن فيه عليه السلام فصاحة ولكن فصاحة أخيه أزيد من فصاحته، وقرأ أبو جعفر والمدنيان ردا بحذف الهمزة ونقل حركتها إلى الدال، والمشهور عن ونافع أنه قرأ بالنقل ولا همز ولا تنوين. ووجهه أنه أجرى الوصل مجرى الوقف. وجوز في ردا على قراءة التخفيف كونه منقوصا بمعنى زيادة من رديت عليه إذا زدت أبي جعفر يصدقني أي يلخص بلسانه الحق ويبسط القول فيه ويجادل به الكفار، فالتصديق مجاز عن التلخيص المذكور الجالب للتصديق لأنه كالشاهد لقوله، وإسناده إلى هارون حقيقة، ويرشد إلى ذلك وأخي هارون إلخ لأن فضل الفصاحة إنما يحتاج إليه لمثل ما ذكر لا لقوله صدقت أو أخي موسى صادق فإن سحبان وباقلا فيه سواء، أو يصل جناح كلامي بالبيان حتى يصدقني القوم الذين أخاف تكذيبهم فالتصديق على حقيقته وإنما أسند إلى هارون عليه السلام لأنه ببيانه جلب تصديق القوم، ويؤيد هذا قوله: إني أخاف أن يكذبون لدلالته على أن التصديق على الحقيقة، وقيل: تصديق الغير بمعنى إظهار صدقه، وهو كما يكون بقول: هو صادق يكون بتأييده بالحجج ونحوها كتصديق الله تعالى للأنبياء عليهم السلام بالمعجزات، والمراد به هنا ما يكون بالتأييد بالحجج، فالمعنى يظهر صدقي بتقرير الحجج وتزييف الشبه إني أخاف أن يكذبون ولساني لا يطاوعني عند المحاجة، وعليه لا حاجة إلى ادعاء التجوز في الطرف أو في الإسناد. وتعقب بأنه لا يخفى أن صدقه معناه إما قال: إنه صادق أو قال له: صدقت، فإطلاقه على غيره الظاهر أنه مجاز، وجملة [ ص: 78 ] يصدقني تحتمل أن تكون صفة لـ ردءا، وأن تكون حالا، وأن تكون استئنافا. وقرأ أكثر السبعة «يصدقني» بالجزم على أنه جواب الأمر.
وزعم بعضهم أن الجواب على قراءة الرفع محذوف، ويرد عليه أن الأمر لا يلزم أن يكون له جواب فلا حاجة إلى دعوى الحذف، وقرأ أبي، رضي الله تعالى عنهم «يصدقوني» بضمير الجمع وهو عائد على وزيد بن علي فرعون وملئه لا على هارون والجمع للتعظيم كما قيل، والفعل على ما نقل عن ابن خالويه مجزوم فقد جعل هذه القراءة شاهدا لمن جزم من السبعة يصدقني وقال: لأنه لو كان رفعا لقيل: يصدقونني، وذكر بعد نقله أن الجزم على جواب الأمر والمعنى في يصدقون أرج تصديقهم إياي فتأمل أبو حيان