وقيل: المراد فإن لم يستجيبوا دعاءك إياهم إلى الإيمان بعد ما وضح لهم من المعجزات التي تضمنها كتابك الذي جاءهم فالاستجابة على ظاهرها لأن الإيمان أمر يريد صلى الله عليه وسلم حقيقة وقوعه منهم وهي كما في البحر بمعنى الإجابة وتتعدى إلى الداعي باللام كما في هذه الآية، وقوله تعالى: فاستجاب له ربه [يوسف: 34]، وقوله سبحانه:
(فاستجبنا له) [الأنبياء: 76، 84، 88، 90] وبنفسها كما في بيت الكتاب:
وداع دعا يا من يجيب إلى الندا فلم يستجبه عند ذاك مجيب
وقال هذا الفعل يتعدى إلى الدعاء بنفسه وإلى الداعي باللام وبحذف الدعاء إذا عدي إلى الداعي في الغالب فيقال: استجاب الله تعالى دعاءه أو استجاب له ولا يكاد يقال: استجاب له دعاءه، وقوله في البيت فلم يستجبه على حذف مضاف أي فلم يستجب دعاءه انتهى، ولو جعل ضمير يستجبه للدعاء المفهوم من داع لم يحتج إلى تقدير، وجعل المفعول هنا محذوفا لذكر الداعي، ووجهه على ما قيل: إنه مع ذكر الداعي والاستجابة يتعين أن المفعول الدعاء فيصير ذكره عبثا، وجوز كون الحذف للعلم به من فعله لا لأنه ذكر الداعي، وهذا حكم الاستجابة دون الإجابة لقوله تعالى: الزمخشري: أجيبوا داعي الله [الأحقاف: 31] فاعلم أنما يتبعون أهواءهم الزائغة من غير أن يكون لهم متمسك ما أصلا إذ لو كان لهم ذلك لأتوا به ومن أضل ممن اتبع هواه استفهام إنكاري للنفي أي لا أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله أي هو أضل من كل ضال وإن كان ظاهر السبك لنفي الأضل لا لنفي المساوي كما مر في نظائره مرارا، وقوله تعالى: بغير هدى في موضع الحال من فاعل اتبع، وتقييد الاتباع بذلك لزيادة التقرير والإشباع في التشنيع والتضليل وإلا فمقارنته لهدايته تعالى بينة الاستحالة، وقيل: للاحتراز عما يكون فيه هدى منه تعالى فإن الإنسان قد يتبع هواه ويوافق الحق، وفيه بحث إن الله لا يهدي القوم الظالمين الذين ظلموا أنفسهم فانهمكوا في اتباع الهوى والإعراض [ ص: 94 ] عن الآيات الهادية إلى الحق المبين