وأخرج عن عبد بن حميد هو أن تأخذ من الدنيا ما أحل الله تعالى لك، وأخرج قتادة في زوائد الزهد عن عبد الله بن أحمد منصور قال: ليس هو عرض من عرض الدنيا ولكن نصيبك عمرك أن تقدم فيه لآخرتك، وأخرج وجماعة عن ابن المنذر أنه قال في الآية: قدم الفضل وأمسك ما يبلغك، وقال الحسن هو الأكل والشرب بلا سرف، وقيل: مالك:
أرادوا بنصيبه من الدنيا الكفن كما قال الشاعر:
نصيبك مما تجمع الدهر كله رداءان تلوى فيهما وحنوط
[ ص: 113 ] وفي نهيهم إياه عن نسيان ذلك حض عظيم له على التزود من ماله للآخرة فإن من يكون نصيبه من دنياه وجميع ما يملكه الكفن لا ينبغي له ترك (التزود) من ماله وتقديم ما ينفعه في آخرته وأحسن إلى عباد الله عز وجل كما أحسن الله إليك أي مثل إحسانه تعالى إليك فيما أنعم به عليك، والتشبيه في مطلق الإحسان أو لأجل إحسانه سبحانه إليك على أن الكاف للتعليل. وقيل: المعنى وأحسن بالشكر الطاعة كما أحسن الله تعالى عليك بالإنعام، والكاف عليه أيضا تحتمل التشبيه والتعليل ولا تبغ الفساد في الأرض نهي عن الاستمرار على ما هو عليه من الظلم والبغي.
إن الله لا يحب المفسدين الكلام فيه كالكلام في قوله سبحانه: إن الله لا يحب الفرحين وهذه الموعظة بأسرها كانت من مؤمني قومه كما هو ظاهر الآية، وقيل: إنها كانت من موسى عليه السلام