فآمن له لوط أي صدقه عليه السلام في جميع مقالاته أو بنبوته حين ادعاها لا أنه صدقه فيما دعا إليه من التوحيد ولم يكن كذلك قبل، فإنه عليه السلام كان متنزها عن الكفر، وما قيل: إنه آمن له عليه السلام حين رأى النار لم تحرقه ضعيف رواية وكذا دراية، لأنه بظاهره يقتضي عدم إيمانه قبل وهو غير لائق به عليه السلام، وحمله بعضهم على نحو ما ذكرنا أو على أن يراد بالإيمان الرتبة العالية منها وهي التي لا يرتقي إليها إلا الأفراد، ولوط على ما في جامع الأصول ابن أخيه هاران بن تارح، وذكر بعضهم أنه ابن أخته بالتاء الفوقية وقال إبراهيم عليه السلام: كما ذهب إليه قتادة وقيل: الضمير والنخعي للوط عليه السلام وليس بشيء لما يلزم عليه من التفكيك، والجملة استئناف بياني كأنه قيل: فماذا كان منه عليه السلام؟ فقيل: قال إني مهاجر أي من قومي إلى ربي أي إلى الجهة التي أمرني ربي بالهجرة إليها، وقيل: إلى حيث لا أمنع عبادة ربي، وقيل: المعنى مهاجر من خالفني من قومي متقربا إلى ربي إنه عز وجل هو العزيز الغالب على أمره فيمنعني من أعدائي الحكيم الذي لا يفعل فعلا إلا وفيه حكمة ومصلحة فلا يأمرني إلا بما فيه صلاحي.
روي أنه عليه السلام هاجر من كوثى من سواد الكوفة مع لوطا وسارة ابنة عمه إلى حران، ثم منها إلى الشام فنزل قرية من أرض فلسطين، ونزل لوط سذوم وهي المؤتفكة على مسيرة يوم وليلة من قرية إبراهيم عليهما السلام، وكان عمره إذ ذاك على ما في الكشاف والبحر خمسا وسبعين سنة، وهو أول من هاجر في الله تعالى