فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فهم في روضة يحبرون الروضة الأرض ذات النبات والماء، وفي المثل: أحسن من بيضة في روضة، يريدون بيضة النعامة، وباعتبار الماء قيل: أرض الوادي، واستراض أي كثر ماؤه، وأراضهم أرواهم بعض الري من أراض الحوض إذا صب فيه من الماء ما يواري أرضه، ويقال: شربوا حتى أراضوا، أي شربوا عللا بعد نهل. وقيل: معنى أراضوا صبوا اللبن على اللبن، وظاهر تفسير الكثير للروضة اعتبار النبات والماء فيها، وأظن أن صرح بأنه لا يقال: الأرض ذات نبات بلا ماء روضة. ابن قتيبة
وقيل: هي البستان الحسن ، وقيل: موضع الخضرة، وقال الخفاجي: الروضة البستان وتخصيصها بذات الأنهار بناء على العرف، وأيا ما كان فتنوينها هنا للتفخيم، والمراد بها الجنة، والحبر السرور يقال: حبره يحبره بالضم حبرا وحبرة وحبورا إذا سره سرورا تهلل له وجهه، وظهر فيه أثره، وفي المثل: امتلأت بيوتهم حبرة فهم ينتظرون العبرة، وحكى حبرته، أكرمته ونعمته، وقيل: الحبرة كل نعمة حسنة، والتحبير التحسين، ويقال: فلان حسن الحبر والسبر بالفتح، إذا كان جميلا حسن الهيئة، واختلفت الأقوال في تفسيره هنا فأخرج الكسائي: ، ابن جرير ، عن وابن المنذر ابن عباس، ، عن وابن أبي حاتم أنهما قالا: يحبرون يكرمون. الضحاك
وأخرج جماعة عن (يحبرون) ينعمون، وقال مجاهد أبو بكر بن عياش: يتوجون على رؤوسهم.
وقال يحلون، وقال ابن كيسان: الأوزاعي، ووكيع، ويحيى بن أبي كثير: يسمعون الأغاني.
وأخرج عن الأخير أنه قال: عبد بن حميد، (قيل: يا رسول الله، ما الحبر؟ فقال عليه الصلاة والسلام: اللذة والسماع).
وذكر بعضهم أن الظاهر يسرون، ولم يذكر ما يسرون به، إيذانا بكثرة المسار، وما جاء في الخبر فمن باب الاقتصار على البعض، ولعل السائل كان يحب السماع، فذكره صلى الله تعالى عليه وسلم له لذلك، والتعبير بالمضارع للإيذان بتجدد السرور لهم، ففي كل ساعة يأتيهم ما يسرون به من متجددات الملاذ وأنواعها المختلفة.