بل اتبع الذين ظلموا إعراض عن مخاطبتهم، ومحاولة إرشادهم إلى الحق بضرب المثل، وتفصيل الآيات، واستعمال المقدمات الحقة المعقولة وبيان لاستحالة تبعيتهم للحق، كأنه قيل: لم يعقلوا شيئا من الآيات المفصلة، بل اتبعوا أهواءهم الزائغة، ووضع الموصول موضع ضميرهم للتسجيل عليهم بأنهم في ذلك الاتباع ظالمون واضعون للشيء في غير موضعه، أو ظالمون لأنفسهم بتعريضها للعذاب الخالد بغير علم أي جاهلين ببطلان ما أتوا منكبين عليه لا يصرفهم عنه صارف حسبما يصرف العالم إذا اتبع الباطل علمه ببطلانه، فمن يهدي من أضل الله أي خلق فيه الضلال وجعله كاسبا له باختياره، وما لهم أي لمن أضله الله تعالى، والجمع باعتبار المعنى من ناصرين يخلصونهم من الضلال [ ص: 39 ] ويحفظونهم من تبعاته وآفاته على معنى: ليس لواحد منهم ناصر واحد، على ما هو المشهور في مقابلة الجمع بالجمع، ( ومن ) مزيدة لتأكيد النفي، والكلام مسوق لتسلية رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، وتوطئة لأمره عليه الصلاة والسلام بقوله سبحانه: