فأقم وجهك للدين القيم أي إذا كان الأمر كذلك فأقم، وتمام الكلام فيما هنا يعلم مما تقدم في هذه السورة الكريمة، من قبل أن يأتي يوم لا مرد له من الله جوز أن يتعلق بمرد، وهو مصدر بمعنى الرد، والمعنى لا يرده سبحانه بعد أن يجيء به، ولا رد له من جهته عز وجل، فيفيد انتفاء رد غيره تعالى له بطريق برهاني، واعترض بأنه لو كان كذلك للزم تنوين ( يوم ) لمشابهته للمضاف.
وأجيب بأنه مبني على ما قاله ابن مالك في التسهيل من أنه قد يعامل الشبيه بالمضاف معاملته فيترك تنوينه، وحمل عليه قوله عليه الصلاة والسلام: «لا مانع لما أعطيت»
وتفصيله في شرحه، وبعضهم جعله متعلقا بمحذوف يدل عليه ( مرد )، أي لا يرد من جهته تعالى، أي لا يرده هو عز وجل، وقيل: هو خبر مبتدإ محذوف، والتقدير هو أي الرد المنفي كائن من الله تعالى، والجملة استئناف جواب سؤال تقديره: ممن ذلك الرد المنفي؟ وقيل: هو متعلق بمحذوف وقع حالا من الضمير في الظرف الواقع خبرا للا، وقيل: متعلق بالنفي أو بما دل عليه، وقيل: متعلق بمحذوف وقع صفة اليوم، وجوز كثير تعلقه بيأتي، أي من قبل أن يأتي من الله تعالى يوم لا يقدر أحد أن يرده.
وتعقب بأن ذلك خلاف المتبادر من اللفظ والمعنى، وهو مع ذلك قليل الفائدة، وارتضاه الطيبي فقال: هذا الوجه أبلغ لإطلاق الرد وتفخيم اليوم، وإن إتيانه من جهة عظيم قادر ذي سلطان قاهر، ومنه يعلم أن ذلك ليس قليل الفائدة.
نعم، إن فيه الفصل الملبس، وحال سائر الأوجه لا يخفى على ذي تمييز، يومئذ أي يوم إذ يأتي يصدعون أصله يتصدعون فقلبت تاؤه صادا، وأدغمت، والتصدع في الأصل تفرق أجزاء الأواني، ثم استعمل في مطلق التفرق، أي يتفرقون فريق في الجنة، وفريق في السعير، وقيل: يتفرقون تفرق الأشخاص على ما ورد في قوله تعالى: يوم يكون الناس كالفراش المبثوث [القارعة: 4]، لا تفرق الفريقين، فإن المبالغة في التفرق المستفادة من ( يصدعون ) إنما تناسب الأول، ورجح الثاني بأنه المناسب للسياق والسباق، إذ الكلام في المؤمنين والكافرين، فما ذكر بيان [ ص: 50 ] لتباينهم في الدارين، ويكفي للمبالغة شدة بعد ما بين المنزلتين حسا ومعنى، وهو تفسير رواه عبد بن حميد، ، وابن جرير ، عن وابن المنذر ، وروي أيضا عن قتادة . ابن زيد