فانظر إلى آثار رحمت الله المترتبة على تنزيل المطر من النبات والأشجار وأنواع الثمار، والفاء للدلالة على سرعة ترتبها عليه.
وقرأ الحرميان، وأبو عمرو، «أثر» بالإفراد، وفتح الهمزة والثاء، وقرأ وأبو بكر سلام «إثر» بكسر الهمزة وإسكان الثاء، وقوله تعالى: كيف يحيي أي الله تعالى الأرض بعد موتها في حيز النصب بنزع الخافض ( وكيف ) معلق لانظر، أي فانظر لإحيائه تعالى البديع للأرض بعد موتها، وقال على الحالية بالتأويل، أي محييا، وأيا ما كان، فالمراد بالأمر بالنظر التنبيه على عظيم قدرته تعالى وسعة رحمته عز [ ص: 54 ] وجل مع ما فيه من التمهيد لما يعقبه من أمر البعث. ابن جني:
وقرأ الجحدري، وابن السميقع، وأبو حيوة «تحيي» بتاء التأنيث، والضمير عائد على الرحمة، وجوز على قراءة الحرميين ومن معهما أن يكون الضمير للأثر على أنه اكتسب التأنيث من المضاف إليه، وليس بشيء، كما لا يخفى، إن ذلك العظيم الشأن لمحيي الموتى لقادر على إحيائهم، فإنه إحداث لمثل ما كان في مواد أبدانهم من القوى الحيوانية، كما أن إحياء الأرض إحداث لمثل ما كان فيها من القوى النباتية، وقيل: يحتمل أن يكون النبات الحادث من أجزاء نباتية تفتتت، وتبددت، واختلطت بالتراب الذي فيه عروقها في بعض الأعوام السالفة، فيكون كالإحياء بعينه بإعادة المواد والقوى لا بإعادة القوى فقط، وهو احتمال واهي القوى بعيد، ولا نسلم أن المسلم المسترشد يعلم وقوعه، وقوله تعالى: وهو على كل شيء قدير تذييل مقرر لمضمون ما قبله، أي مبالغ في القدرة على جميع الأشياء التي من جملتها إحياؤهم لما أن نسبة قدرته عز وجل إلى الكل سواء.