علي لاحب لا يهتدى بمناره
أي ما ليس بإله، فيكون لك علم بإلهيته، وفي الكشف: أن أراد أنه بولغ في نفي الشريك حتى جعل كلاشيء، ثم بولغ حتى ما لا يصح أن يتعلق به علم، والمعدوم يصح أن يعلم، ويصح أن يقال إنه شيء، فأدخل في سلك المجهول مطلقا، وليس من قبيل نفي العلم لنفي وجوده، وهذا تقرير حسن، وفيه مبالغة عظيمة منه يظهر ترجيح هذا المسلك في هذا المقام على أسلوب: الزمخشريولا ترى الضب بها ينجحر
اهـ، فافهم، ولا تغفل، وصاحبهما في الدنيا معروفا أي صحابا معروفا يرتضيه الشرع، ويقتضيه الكرم والمروءة، كإطعامهما، وإكسائهما وعدم جفائهما، وانتهارهما، وعيادتهما إذا مرضا، ومواراتهما إذا ماتا، وذكر ( في الدنيا ) لتهوين أمر الصحبة، والإشارة إلى أنها في أيام قلائل وشيكة الانقضاء فلا يضر تحمل مشقتها لقلة أيامها وسرعة انصرامها، وقيل: للإشارة إلى أن الرفق بهما في الأمور الدنيوية دون الدينية.وقيل: ذكره لمقابلته بقوله تعالى: «ثم إلي مرجعكم»، واتبع سبيل من أناب أي رجع ( إلي ) بالتوحيد والإخلاص بالطاعة، وحاصله: اتبع سبيل المخلصين لا سبيلهما، ثم إلي مرجعكم أي رجوعك ورجوعهما، وزاد بعضهما من أناب، وهو خلاف الظاهر، وأيا ما كان ففيه تغليب للخطاب على الغيبة، فأنبئكم عند رجوعكم بما كنتم تعملون بأن أجازي كلا منكم بما صدر عنه من الخير والشر، والآية نزلت في أخرج سعد بن أبي وقاص أبو يعلى، ، والطبراني وابن مردويه، ، عن وابن عساكر أبي عثمان النهدي أن قال: أنزلت في هذه الآية سعد بن أبي وقاص وإن جاهداك الآية، كنت رجلا برا بأمي، فلما أسلمت قالت: يا سعد، وما هذا الذي أراك قد أحدثت؟ لتدعن دينك هذا، أو لا آكل، ولا أشرب حتى أموت فتعير بي، فيقال: يا قاتل أمه، قلت: لا تفعلي يا أمه، فإني لا أدع ديني هذا لشيء، فمكثت يوما وليلة لا تأكل فأصبحت قد جهدت، فمكثت يوما وليلة لا تأكل، فأصبحت قد اشتد جهدها، فلما رأيت ذلك، قلت: يا أمه، تعلمين والله لو كانت لك مائة نفس، فخرجت نفسا نفسا [ ص: 88 ] ما تركت ديني هذا لشيء، فإن شئت فكلي، وإن شئت لا تأكلي، فلما رأت ذلك أكلت، فنزلت هذه الآية، وذكر بعضهم أن هذه وما قبلها أعني قوله تعالى: ووصينا الإنسان الآية، نزلتا فيه، قيل: ولكون النزول فيه قيل: (من أناب) بتوحيد الضمير حيث أريد بذلك رضي الله تعالى عنه، فإن إسلام أبو بكر سعد كان بسبب إسلامه.
وأخرج عن الواحدي، عن عطاء، قال: إنه يريد (بمن أناب) ابن عباس وذلك أنه أبا بكر حين أسلم رآه عبد الرحمن بن عوف، وسعيد بن زيد، وعثمان، وطلحة، فقالوا والزبير، آمنت، وصدقت لأبي بكر: محمدا صلى الله تعالى عليه وسلم؟ فقال نعم، فأتوا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، فآمنوا، وصدقوا، فأنزل الله تعالى يقول أبو بكر: لسعد: واتبع سبيل من أناب إلي يعني رضي الله تعالى عنه، أبا بكر يقول كما أخرج عنه وابن جريج (من أناب) ابن المنذر محمد عليه الصلاة والسلام، وغير واحد يقول: هو صلى الله تعالى عليه وسلم، والمؤمنون، والظاهر هو العموم.