ومن يسلم وجهه إلى الله بأن فوض إليه تعالى جميع أموره، وأقبل عليه سبحانه بقلبه وقالبه، فالإسلام كالتسليم التفويض، والوجه الذات، والكلام كناية عما أشرنا إليه من تسلم الأمور جميعها إليه تعالى والإقبال التام عليه عز وجل، وقد يعدى الإسلام باللام قصدا لمعنى الإخلاص.
وقرأ كرم الله تعالى وجهه، علي والسلمي، وعبد الله بن مسلم بن يسار «يسلم» بتشديد اللام من التسليم، وهو أشهر في معنى التفويض من الإسلام، وهو محسن أي في أعماله، والجملة في موضع الحال.
فقد استمسك بالعروة الوثقى تعلق أتم تعلق بأوثق ما يتعلق به من الأسباب، وهذا تشبيه تمثيلي مركب حيث شبه حال المتوكل على الله عز وجل المفوض إليه أموره كلها المحسن في أعماله بمن ترقى في جبل شاهق أو تدلى منه فتمسك بأوثق عروة من حبل متين مأمون انقطاعه، وجوز أن يكون هناك استعارة في المفرد، وهو العروة الوثقى بأن يشبه التوكل النافع المحمود عاقبته بها فتستعار له وإلى الله عاقبة الأمور أي هي صائرة إليه عز وجل لا إلى غيره جل جلاله، فلا يكون لأحد سواه جل وعلا تصرف فيها بأمر ونهي، وثواب وعقاب، فيجازي سبحانه هذا المتوكل أحسن الجزاء، وقيل: فيجازي كلا من هذا المتوكل، وذاك المجادل بما يليق به بمقتضى الحكمة، (وأل) في الأمور للاستغراق، وقيل: تحتمل العهد على أن المراد الأمور المذكورة من المجادلة، وما بعدها، وتقديم ( إلى الله ) للحصر ردا على الكفرة في زعمهم مرجعية آلهتهم لبعض الأمور.
[ ص: 96 ] واختار بعضهم كونه إجلالا للجلالة ورعاية للفاصلة ظنا منه أن الاستغراق مغن عن الحصر، وهو ليس كذلك.