وفي مجمع البيان: الأرض الجرز اليابسة التي ليس فيها نبات لانقطاع الأمطار عنها من قولهم: سيف جراز، أي قطاع لا يبقي شيئا إلا قطعه، وناقة جراز إذا كانت تأكل كل شيء فلا تبقي شيئا إلا قطعته بفيها، ورجل جروز أي أكول، قال الراجز:
خب جروز وإذا جاع بكى
وقال الجرز منقطع النبات من أصله، وأرض مجروزة أكل ما عليها، وفي مثل: لا ترضى شانئة إلا بجروزة، أي بالاستئصال، والجارز الشديد من السعال، تصور منه معنى الجرز وهو القطع بالسيف اهـ، ويفهم مما قاله أن الجرز يطلق على ما انقطع نباته لكونه ليس [ ص: 140 ] من شأنه الإنبات كالسباخ، وهو غير مناسب هنا لقوله تعالى: الراغب: فنخرج به زرعا والظاهر أن المراد الأرض المتصفة بهذه الصفة، أي أرض كانت، وأخرج عن ابن أبي حاتم، أنها قرى بين الحسن اليمن والشام.
وأخرج هو ، وابن جرير ، وابن المنذر عن وابن أبي شيبة أنها أرض ابن عباس باليمن، وإلى عدم التعيين ذهب ، أخرج عنه جماعة أنه قال: الأرض الجرز هي التي لا تنبت، وهي أبين ونحوها من الأرض، وقرئ «الجرز» بسكون الراء، وضمير ( به ) للماء، والكلام على ظاهره عند السلف الصالح، وقالت مجاهد الأشاعرة: المراد فنخرج عنده، والزرع في الأصل مصدر وعبر به عن المزروع، والمراد به ما يخرج بالمطر مطلقا، فيشمل الشجر وغيره، ولذا قال سبحانه: تأكل منه أي من ذلك الزرع أنعامهم كالتبن والقصيل والورق، وبعض الحبوب المخصوصة بها، وأنفسهم كالبقول والحبوب التي يقتاتها الإنسان، وفي البحر: يجوز أن يراد بالزرع النبات المعروف، وخص بالذكر تشريفا له، ولأنه أعظم ما يقصد من النبات، ويجوز أن يراد به النبات مطلقا، وقدم الأنعام لأن انتفاعها مقصور على ذلك، والإنسان قد يتغذى بغيره، ولأن أكلها منه مقدم لأنها تأكله قبل أن يثمر، ويخرج سنبله، وقيل: ليترقى من الأدنى إلى الأشرف، وهم بنو آدم.
وقرأ أبو حيوة، في رواية «يأكل» بالياء التحتية، وأبو بكر أفلا يبصرون أي ألا يبصرون فلا يبصرون ذلك ليستدلوا به على كمال قدرته تعالى، وفضله عز وجل، وجعلت الفاصلة هنا ( يبصرون ) لأن ما قبله مرئي وفيما قبله ( يسمعون ) لأن ما قبله مسموع، وقيل: ترقيا إلى الأعلى في الاتعاظ مبالغة في التذكير، ورفع العذر.
وقرأ «تبصرون» بالتاء الفوقية. ابن مسعود