قل تبكيتا لهم وتحقيقا للحق يوم الفتح لا ينفع الذين كفروا إيمانهم ولا هم ينظرون أخرج ، الفريابي ، وابن أبي شيبة ، وابن جرير ، وابن المنذر عن وابن أبي حاتم قال: يوم الفتح يوم القيامة، وهو كما في البحر: منصوب (بلا ينفع)، والمراد بالذين كفروا إما أولئك القائلون المستهزءون، فالإظهار في مقام الإضمار لتسجيل كفرهم، وبيان علة الحكم، وإما ما يعمهم وغيرهم، وحينئذ يعلم حكم أولئك المستهزئين بطريق برهاني، والمراد من قوله تعالى: ( ولا هم ينظرون ) استمرار النفي الظاهر أن الجملة عطف على ( لا ينفع ) إلخ، والقيد معتبر فيها، وظاهر سؤالهم بقولهم: مجاهد متى هذا الفتح يقتضي الجواب بتعيين اليوم المسؤول عنه، إلا أنه لما كان غرضهم في السؤال عن وقت الفتح استعجالا منهم على وجه التكذيب والاستهزاء أجيبوا على حسب ما عرف من غرضهم، فكأنه قيل لهم: لا تستعجلوا به، ولا تستهزئوا، فكأني بكم، وقد حصلتم في ذلك اليوم، وآمنتم فلم ينفعكم الإيمان واستنظرتم في إدراك العذاب فلم تنظروا، وهذا قريب من الأسلوب الحكيم [ ص: 141 ] هذا، وتفسير يوم الفتح بيوم القيامة ظاهر على القول بأن المراد بالفتح الفصل للخصومة، فقد قال سبحانه: إن ربك هو يفصل بينهم يوم القيامة ولا يكاد يتسنى على القول بأن المراد به النصر على أولئك القائلين إذا كانوا عانين به النصر والغلبة عليهم في الدنيا كما هو ظاهر مما سمعت عن ، وعليه قيل: المراد بيوم الفتح يوم مجاهد بدر، أخرج ذلك وصححه، الحاكم في الدلائل، عن والبيهقي رضي الله تعالى عنهما، وقيل: يوم فتح ابن عباس مكة ، وحكي ذلك عن ، الحسن ، واستشكل كلا القولين بأن قوله تعالى: ومجاهد يوم الفتح لا ينفع الذين كفروا إيمانهم ظاهر في عدم قبول الإيمان من الكافر يومئذ مع أنه آمن ناس يوم بدر، فقبل منهم، وكذا يوم فتح مكة .
وأجيب بأن الموصول على كل منهما عبارة عن المقتولين في ذلك اليوم على الكفر، فمعنى (لا ينفعهم إيمانهم) أنهم لا إيمان لهم حتى ينفعهم، فهو على حد قوله: على لاحب لا يهتدى بمناره.
سواء أريد بهم قوم مخصوصون استهزؤوا أم لا، وسواء عطف قوله تعالى: ( ولا هم ينظرون ) على المقيد، أو على المجموع فتأمل.
وتعقب بأن ذلك خلاف الظاهر، وأيضا كون يوم الفتح يوم بدر بعيد عن كون السورة مكية، وكذا كونه يوم فتح مكة ، ويبعد هذا أيضا قلة المقتولين في ذلك اليوم جدا، تدبر.