وإذ قالت طائفة منهم قال : السدي
هم عبد الله بن أبي ابن سلول وأصحابه، وقال : هم بنو سلمة، وقال مقاتل أوس بن رومان: هم أوس بن قيظي وأصحابه بنو حارثة، وضمير ( منهم ) للمنافقين أو للجميع يا أهل يثرب هو اسم المدينة المنورة، وقال اسم بقعة وقعت أبو عبيدة: المدينة في ناحية منها، وقيل: اسم أرضها، وهو عليها ممنوع من الصرف للعلمية، ووزن الفعل، أو التأنيث، ولا ينبغي تسمية المدينة بذلك.
أخرج أحمد، ، وابن أبي حاتم عن وابن مردويه، قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: البراء بن عازب المدينة يثرب فليستغفر الله تعالى هي طابة هي طابة هي طابة ). (من سمى
وأخرج عن ابن مردويه، عن رسول الله عليه الصلاة والسلام: ابن عباس، يثرب، فإنها طيبة )، يعني المدينة، (ومن قال: يثرب فليستغفر الله تعالى ثلاث مرات، هي طيبة هي طيبة هي طيبة ). (لا تدعونها
وفي الحواشي الخفاجية: أن تسميتها به مكروهة كراهة تنزيهية، وذكر في وجه ذلك أن هذا الاسم يشعر بالتثريب، وهو اللوم والتعبير.
وقال التثريب التقريع بالذنب والثرب شحمة رقيقة، ويثرب يصح أن يكون أصله من هذا الباب، والياء تكون فيه زائدة انتهى، وقيل: الراغب: يثرب اسم رجل من العمالقة، وبه سميت المدينة، وكان يقال لها: أثرب أيضا، ونقل الطبرسي عن الشريف المرتضى أن للمدينة أسماء منها يثرب، وطيبة، وطابة، والدار، والسكينة، وجائزة، والمحبورة، والمحبة، والمحبوبة، والعذراء، والمرحومة، والقاصمة، ويندد انتهى، وكأن القائلين اختاروا يثرب من [ ص: 160 ] بين الأسماء مخالفة له صلى الله تعالى عليه وسلم، لما علموا من كراهيته عليه الصلاة والسلام لهذا الاسم من بينها، ونداؤهم أهل المدينة بعنوان أهليتهم لها ترشيح لما بعد من الأمر بالرجوع إليها لا مقام لكم أي لا مكان إقامة أو لا إقامة لكم أي لا ينبغي أو لا يمكن لكم الإقامة ها هنا.
وقال أبو جعفر، وشيبة، وأبو رجاء، ، والحسن ، وقتادة والنخعي، وعبد الله بن مسلم، وأكثر السبعة «لا مقام» بفتح الميم، وهو يحتمل أيضا المكان أي لا مكان قيام، والمصدر أي لا قيام لكم، والمعنى على نحو ما تقدم وطلحة فارجعوا أي إلى منازلكم بالمدينة ليكون ذلك أسلم لكم من القتل أو ليكون لكم عند هذه الأحزاب يد، قيل:
ومرادهم أمرهم بالفرار على ما يشعر به ما بعد، لكنهم عبروا عنه بالرجوع ترويجا لمقالتهم، وإيذانا بأنه ليس من قبيل الفرار المذموم، وقيل: المعنى لا مقام لكم في دين محمد صلى الله عليه وسلم فارجعوا إلى ما كنتم عليه من الشرك، أو فارجعوا عما بايعتموه عليه، وأسلموه إلى أعدائه عليه الصلاة والسلام، أو لا مقام لكم بعد اليوم في يثرب، أو نواحيها لغلبة الأعداء فارجعوا كفارا ليتسنى لكم المقام فيها لارتفاع العداوة حينئذ.
وقيل: يجوز أن يكونوا خافوا من قتل النبي صلى الله تعالى عليه وسلم إياهم بعد غلبته عليه الصلاة والسلام حيث ظهر أنهم منافقون فقالوا: لا مقام لكم على معنى لا مقام لكم مع النبي صلى الله تعالى عليه وسلم لأنه إن غلب قتلكم فارجعوا عما بايعتموه عليه وأسلموه عليه الصلاة والسلام، أو فارجعوا عن الإسلام، واتفقوا مع الأحزاب، أو ليس لكم محل إقامة في الدنيا أصلا إن بقيتم على ما أنتم عليه فارجعوا عما بايعتموه عليه عليه الصلاة والسلام إلى آخره، والأول أظهر، وأنسب بما بعده، وبعض هذه الأوجه بعيد جدا كما لا يخفى.
ويستأذن فريق منهم النبي عطف على ( قالت )، وصيغة المضارع لما مر من استحضار الصورة، والمستأذن على ما روي عن ابن عباس، وجابر بن عبد الله بنو حارثة بن الحارث، قيل: أرسلوا أوس بن قيظي أحدهم للاستئذان، وقال : جاء هو ورجل آخر منهم يدعى السدي أبا عرابة بن أوس، وقيل: المستأذن بنو حارثة، وبنو سلمة استأذنوه عليه الصلاة والسلام في الرجوع ممتثلين بأمر أولئك القائلين: يا أهل يثرب.
وقوله تعالى: يقولون بدل من ( يستأذن ) أو حال من فاعله، أو استئناف مبني على السؤال عن كيفية الاستئذان إن بيوتنا عورة أي ذليلة الحيطان يخاف عليها السراق، كما نقل عن وقال السدي، أي متخرقة ممكنة لمن أرادها، وقال الراغب: أي خالية من الرجال ضائعة، وقال الكلبي: : قاصية يخشى عليها العدو، وأصلها على ما قيل: مصدر بمعنى الخلل، ووصف بها مبالغة، وتكون صفة للمؤنث والمذكر والمفرد وغيره، كما هو شأن المصادر، وجوز أن تكون صفة مشبهة على أنها مخفف عورة بكسر الواو، كما قرأ بذلك هنا وفيما بعد قتادة ابن عباس، وأبو يعمر، ، وقتادة وأبو رجاء، وأبو حيوة، ، وابن أبي عبلة وأبو طالوت، وابن مقسم، وإسماعيل بن سليمان، عن من عورت الدار إذا اختلت، قال ابن كثير صحة الواو على هذا شاذة، والقياس قلبها ألفا فيقال: عارة، كما يقال: كبش صاف، ونعجة صافة، ويوم راح ورجل مال، والأصل صوف وصوفة وروح ومول، وتعقب بأن القياس إنما يقتضي القلب إذا وقع القلب في الفعل، وعور هنا قد صحت عينه حملا على اعور المشدد، ورجح كونها مصدرا وصف به للمبالغة بأنه الأنسب بمقام الاعتذار كما يفصح عنه تصدير [ ص: 161 ] مقالتهم بحرف التحقيق، لكن ينبغي أن يقال في قوله تعالى: ابن جني: وما هي بعورة إذا أجري فيه هذا اللفظ كما أجري فيما قبله أن المراد المبالغة في النفي على نحو ما قيل قوله تعالى: وما ربك بظلام للعبيد [فصلت: 46] والواو فيه للحال أي يقولون ذلك والحال أنها ليست كذلك، إن يريدون أي ما يريدون بالاستئذان إلا فرارا أي هربا من القتال ونصرة المؤمنين قاله جماعة، قيل: فرار من الدين .