وفي قوله عز وجل: ( أورثكم ) إشعار بأنه انتقل إليهم ذلك بعد موت أولئك المقتولين، وأن ملكهم إياه ملك قوي ليس بعقد الفسخ أو الإقالة وديارهم أي حصونهم وأموالهم نقودهم ومواشيهم وأثاثهم التي اشتملت عليها أرضهم وديارهم.
أخرج ، ابن أبي شيبة ، وابن جرير ، وابن المنذر ، عن وابن أبي حاتم من خبر طويل قتادة سعدا رضي الله تعالى عنه حكم بقتل مقاتلهم، وسبي ذراريهم بأن أعقارهم للمهاجرين دون الأنصار، فقال قومه: أتؤثر المهاجرين بالأعقار علينا؟ فقال: إنكم ذو أعقار وإن المهاجرين لا أعقار لهم، وأمضى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم حكمه. أن
وفي الكشاف: روي أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم جعل عقارهم للمهاجرين دون الأنصار، فقالت الأنصار في ذلك، فقال عليه الصلاة والسلام: إنكم في منازلكم، وقال رضي الله تعالى عنه: أما تخمس كما خمست يوم عمر بدر؟ قال: لا، إنما جعلت هذه لي طعمة دون الناس، قال: رضينا بما صنع الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم.
[ ص: 180 ] وذكر الجلال السيوطي أن الخبر رواه من رواية الواقدي خارجة بن زيد، عن أم العلاء، قالت: (لما غنم رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم بني النضير جعل...) الحديث، ومن طريق المسور بن رفاعة قال: فقال (يا رسول الله، ألا تخمس ما أصيب من عمر: بني النضير) الحديث اهـ، وعليه لا يحسن من ذكره ها هنا، مع أن الآيات عنده في شأن الزمخشري بني قريظة، وسيأتي الكلام فيما وقع لبني النضير في تفسير سورة الحشر إن شاء الله تعالى وأرضا لم تطئوها قال ، مقاتل ويزيد بن رومان، هي وابن زيد: خيبر فتحت بعد بني قريظة، وقال : كان يتحدث أنها قتادة مكة، وقال : هي أرض الحسن الروم، وفارس، وقيل: اليمن، وقال هي ما ظهر عليه المسلمون إلى يوم القيامة، واختاره في البحر، وقال عكرمة: لا أحسبها إلا كل أرض فتحها الله تعالى على المسلمين، أو هو عز وجل فاتحها إلى يوم القيامة، والظاهر أن العطف على ( أرضهم )، واستشكل بأن الإرث ماض حقيقة بالنسبة إلى المعطوف عليه، ومجازا بالنسبة إلى هذا المعطوف. وأجيب بأنه يراد بأورثكم أورثكم في علمه وتقديره، وذلك متحقق فيما وقع من الإرث كأرضهم وديارهم وأموالهم، وفيما لم يقع بعد كإرث ما لم يكن مفتوحا وقت نزول الآية. وقدر بعضهم أورثكم في جانب المعطوف مرادا به يورثكم، إلا أنه عبر بالماضي لتحقق الوقوع، والدليل المذكور، واستبعد دلالة المذكور عليه لتخالفهما حقيقة ومجازا. عروة:
وقيل: الدليل ما بعد، من قوله تعالى: ( وكان الله ) إلخ، ثم إذا جعلت الأرض شاملة لما فتح على أيدي الحاضرين، ولما فتح على أيدي غيرهم ممن جاء بعدهم لا يخص الخطاب الحاضرين، كما لا يخفى. ومن بدع التفاسير أنه أريد بهذه الأرض نساؤهم، وعليه لا يتوهم إشكال في العطف. وقرأ رضي الله تعالى عنهما «لم تطوها» بحذف الهمزة أبدل همزة تطأ ألفا على حد قوله: زيد بن علي
إن السباع لتهدى في مرابضها والناس لا يهتدى من شرهم أبدا
فالتقت ساكنة مع الواو، فحذفت، كقولك لم تروها، وكان الله على كل شيء قديرا فهو سبحانه قادر على أن يملككم ما شاء.