يسألك الناس عن الساعة أي عن وقت قيامها ووقوعها، كان المشركون يسألونه صلى الله عليه وسلم عن ذلك استعجالا بطريق الاستهزاء والمنافقون تعنتا واليهود امتحانا لما أنهم يعلمون من التوراة أنها مما أخفاه الله تعالى فيسألونه عليه الصلاة والسلام ليمتحنوه هل يوافقها وحيا أو لا.
قل إنما علمها عند الله لا يطلع سبحانه عليه ملكا مقربا ولا نبيا مرسلا وما يدريك خطاب مستقل له صلى الله عليه وسلم غير داخل تحت الأمر مسوق لبيان أنها مع كونها غير معلومة مرجوة المجيء عن قريب، وما استفهام في موضع الرفع بالابتداء والجملة بعده خبر، أي أي شيء يعلمك بوقت قيامها؟ والمعنى على النفي أي لا يعلمنك به شيء أصلا.
لعل الساعة تكون قريبا أي لعلها توجد وتتحقق في وقت قريب، فقريبا منصوب على الظرفية واستعماله كذلك كثير، وتكون تامة ويجوز أن تكون ناقصة وإذا كان قريبا الخبر واعتبر وصفا لا ظرفا فالتذكير لكونه في الأصل صفة لخبر مذكر يخبر به عن المؤنث، وليس هو الخبر، أي لعل الساعة تكون شيئا قريبا، وجوز أن يكون ذلك رعاية للمعنى من حيث إن الساعة بمعنى اليوم أو الوقت.
وقال : يجوز أن يكون ذلك لأن التقدير لعل قيام الساعة فلوحظ الساعة في تكون فأنث ولوحظ المضاف المحذوف وهو قيام في ( قريبا ) فذكر، ولا يخفى بعده، وقيل إن قريبا لكونه فعيلا يستوي فيه المذكر والمؤنث كما في قوله تعالى: أبو حيان إن رحمت الله قريب من المحسنين [الأعراف: 56] وقد تقدم ما في ذلك، وفي الكلام تهديد للمستعجبين [ ص: 93 ] المستهزئين وتبكيت للمتعنتين والممتحنين، والإظهار في موضع الإضمار للتهويل وزيادة التقرير وتأكيد استقلال الجملة كما أشير إليه.