وقالوا عطف على يقولون والعدول إلى صيغة الماضي للإشعار بأن قولهم هذا ليس مستمرا كقولهم السابق بل هو ضرب اعتذار أرادوا به ضربا من التشفي بمضاعفة عذاب الذين أوردوهم هذا المورد الوخيم وألقوهم في ذلك العذاب الأليم وإن علموا عدم قبوله في حق خلاصهم بما هم فيه.
ربنا إنا أطعنا سادتنا أي ملوكنا وولاتنا الذين يتولون تدبير السواد الأعظم منا وكبراءنا أي رؤساءنا الذين أخذنا عنهم فنون الشر وكان هذا في مقابلة ما تمنوه من إطاعة الله تعالى وإطاعة الرسول، فالسادة والكبراء متغايران، والتعبير عنهما بعنوان السيادة والكبر لتقوية الاعتذار وإلا فهم في مقام التحقير والإهانة.
وقدموا في ذلك إطاعة السادة لما أنه كان لهم قوة البطش بهم لو لم يطيعوهم فكان ذلك أحق بالتقديم في مقام الاعتذار وطلب التشفي، وقيل: باتحاد السادة والكبراء والعطف على حد العطف في قوله وألفي قولها كذبا ومينا، والمراد بهم العلماء الذين لقنوهم الكفر وزينوه لهم، وعن رؤساؤهم في الشر والشرك. قتادة
وقرأ الحسن وأبو رجاء وقتادة والسلمي والعامة في الجامع وابن عامر بالبصرة (ساداتنا) على جمع الجمع وهو شاذ كبيوتات، وفيه على ما قيل دلالة على الكثرة، ثم إن كون سادة جمعا هو المشهور، وقيل: اسم جمع فإن كان جمعا لسيد فهو شاذ أيضا فقد نصوا على شذوذ فعلة في جمع فعيل وإن كان جمعا لمفرد مقدر وهو سائد كان ككافر وكفرة لكنه شاذ أيضا لأن فاعلا لا يجمع على فعلة إلا في الصحيح.
فأضلونا السبيلا أي جعلونا ضالين [ ص: 94 ] عن الطريق الحق بما دعونا إليه وزينوه لنا من الأباطيل، والألف للإطلاق كما في وأطعنا الرسولا .