nindex.php?page=treesubj&link=28659_31757_32438_32446_33679_34255_34258_29006nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=27ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء إلخ، استئناف مسوق على ما يخطر بالبال لتقرير ما أشعر به قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=26ثم أخذت الذين كفروا فكيف كان نكير من عظيم قدرته عز وجل، وقال شيخ الإسلام: هو لتقرير ما قبله من اختلاف الناس ببيان أن الاختلاف والتفاوت أمر مطرد في جميع المخلوقات من النبات والجماد والحيوان.
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11992أبو حيان : تقرير لوحدانيته تعالى بأدلة سماوية وأرضية إثر تقريرها بأمثال ضربها جل شأنه، وهذا
[ ص: 189 ] كما ترى، والاستفهام للتقرير، والرؤية قلبية لأن إنزال المطر وإن كان مدركا بالبصر لكن إنزال الله تعالى إياه ليس كذلك، والخطاب عام، أي ألم تعلم أن الله تعالى أنزل من جهة العلو ماء
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=27فأخرجنا به أي بذلك الماء على أنه سبب عادي للإخراج، وقيل: أي أخرجنا عنده، والالتفات لإظهار كمال الاعتناء بالفعل لما فيه من الصنع البديع المنبئ عن كمال القدرة والحكمة.
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=27ثمرات مختلفا ألوانها أي أنواعها من التفاح والرمان والعنب والتين وغيرها مما لا يحصر، وهذا كما يقال فلان أتى بألوان من الأحاديث وقدم كذا لونا من الطعام، واختلاف كل نوع بتعدد أصنافه كما في التفاح فإن له أصنافا متغايرة لذة وهيئة، وكذا في سائر الثمرات ولا يكاد يوجد نوع منها إلا وهو ذو أصناف متغايرة، ويجوز أن يراد اختلاف كل نوع باختلاف أفراده.
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16298عبد بن حميد nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير عن
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة أنه حمل الألوان على معناها المعروف واختلافها بالصفرة والحمرة والخضرة وغيرها، وروي ذلك عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أيضا وهو الأوفق لما في قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=27ومن الجبال جدد بيض وحمر وهو إما عطف على ما قبله بحسب المعنى أو حال وكونه استئنافا مع ارتباطه بما قبله غير ظاهر، و
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=27جدد جمع جدة بالضم وهي الطريقة من جده إذا قطعه، وقال أبو الفضل: هي من الطرائق ما يخالف لونه لون ما يليه ومنه جدة الحمار للخط الذي في وسط ظهره يخالف لونه، وسأل
ابن الأزرق nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله تعالى عنهما عن الجدد فقال: طرائق طريقة بيضاء وطريقة خضراء، وأنشد قول الشاعر:
قد غادر السبع في صفحاتها جددا كأنها طرق لاحت على أكم
والكلام على تقدير مضاف إن لم تقصد المبالغة، لأن الجبال ليست نفس الطرائق، أي ذو جدد.
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري «جدد» بضمتين جمع جديدة كسفينة وسفن وهي بمعنى جدة، وقال صاحب اللوامح هو جمع جديد بمعنى آثار جديدة واضحة الألوان، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12078أبو عبيدة : لا مدخل لمعنى الجديدة في هذه الآية، ولعل من يقول بتجدد حدوث الجبال وتكونها من مياه تنبع من الأرض وتتحجر أولا فأولا ثم تنبع من موضع قريب مما تحجر فتتحجر أيضا، وهكذا حتى يحصل جبل لا يأبى حمل الآية على هذه القراءة على ما ذكر.
والظاهر من الآيات والأخبار أن الجبال أحدثها الله تعالى بعيد خلق الأرض لئلا تميد بسكانها، والفلاسفة يزعمون أنها كانت طينا في بحار انحسرت ثم تحجرت، وقد أطال الإمام الكلام على ذلك في كتابه (المباحث المشرقية) واستدل على ذلك، بوجود أشياء بحرية كالصدف بين أجزائها، وهذا عند تدقيق النظر هباء وأكثر الأدلة مثلة، ومن أراد الاطلاع على ما قالوا فليرجع إلى كتبهم، وروي عنه أيضا أنه قرأ «جدد» بفتحتين ولم يجز ذلك
nindex.php?page=showalam&ids=11970أبو حاتم ، وقال: إن هذه القراءة لا تصح من حيث المعنى وصححها غيره وقال: الجدد الطريق الواضح المبين، إلا أنه وضع المفرد موضع الجمع، ولذا وصف بالجمع، وقيل هو من باب نطفة أمشاج وثوب أخلاق لاشتمال الطريق على قطع.
وتعقب بأنه غير ظاهر ولا مناسب لجمع الجبال
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=27مختلف ألوانها أي أصنافها بالشدة والضعف لأنها مقولة بالتشكيك، فمختلف صفة بيض وحمر، و
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=27ألوانها فاعل له وليس بمبتدأ، و
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=27مختلف خبره لوجوب مختلفة حينئذ، وجوز أن يكون صفة
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=27جدد و ( غرابيب ) عطف على
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=27بيض فهو من تفاصيل الجدد والصفات القائمة بها، أي ومن
[ ص: 190 ] الجبال ذو جدد بيض وحمر، وغرابيب والغربيب هو الذي أبعد في السواد وأغرب فيه ومنه الغراب، وكثر في كلامهم إتباعه للأسود على أنه صفة له أو تأكيد لفظي فقالوا أسود غربيب، كما قالوا: أبيض يقق وأصفر فاقع وأحمر قان.
وظاهر كلام
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري أن ( غرابيب ) هنا تأكيد لمحذوف والأصل وسود غرابيب أي شديدة السواد. وتعقب بأنه لا يصح إلا على مذهب من يجوز حذف المؤكد، ومن النحاة من منع ذلك وهو اختيار
ابن مالك لأن التأكيد يقتضي الاعتناء والتقوية وقصد التطويل والحذف يقتضي خلافه، ورده الصفار كما في (شرح التسهيل) لأن المحذوف لدليل كالمذكور فلا ينافي تأكيده، وفي بعض شروح (المفصل) أنه صفة لذلك المحذوف أقيم مقامه بعد حذفه.
وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=27سود بدل منه أو عطف بيان له، وهو مفسر للمحذوف، ونظير ذلك قول
nindex.php?page=showalam&ids=8572النابغة :
والمؤمن العائذات الطير يمسحها ركبان مكة بين الغيل والسند
وفيه التفسير بعد الإبهام ومزيد الاعتناء بوصف السواد حيث دل عليه من طريق الإضمار والإظهار.
ويجوز أن يكون العطف على
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=27جدد على معنى: ومن الجبال ذو جدد مختلف اللون ومنها غرابيب متحدة اللون كما يؤذن به المقابلة، وإخراج التركيب على الأسلوب الذي سمعته، وكأنه لما اعتنى بأمر السواد بإفادة أنه في غاية الشدة لم يذكر بعده الاختلاف بالشدة والضعف.
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء : الكلام على التقديم والتأخير، أي سود غرابيب، وقيل ليس هناك مؤكد ولا موصوف محذوف، وإنما ( غرابيب ) معطوف على
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=27جدد أو على
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=27بيض من أول الأمر و
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=27سود بدل منه.
قال في البحر: وهذا حسن ويحسنه كون غربيب لم يلزم فيه أن يستعمل تأكيدا، ومنه ما جاء في الحديث إن الله تعالى يبغض الشيخ الغربيب وهو الذي يخضب بالسواد، وفسره
nindex.php?page=showalam&ids=12569ابن الأثير بالذي لا يشيب أي لسفاهته أو لعدم اهتمامه بأمر آخرته، وحكي ما في البحر بصيغة قيل، وقول الشاعر:
العين طامحة واليد شامخة والرجل لائحة والوجه غربيب
nindex.php?page=treesubj&link=28659_31757_32438_32446_33679_34255_34258_29006nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=27أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً إلخ، اِسْتِئْنَافٌ مَسُوقٌ عَلَى مَا يَخْطُرُ بِالْبَالِ لِتَقْرِيرِ مَا أَشْعَرَ بِهِ قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=26ثُمَّ أَخَذْتُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ مِنْ عَظِيمِ قُدْرَتِهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: هُوَ لِتَقْرِيرِ مَا قَبْلَهُ مِنَ اِخْتِلَافِ النَّاسِ بِبَيَانِ أَنَّ الِاخْتِلَافَ وَالتَّفَاوُتَ أَمْرٌ مُطَّرِدٌ فِي جَمِيعِ الْمَخْلُوقَاتِ مِنَ النَّبَاتِ وَالْجَمَادِ وَالْحَيَوَانِ.
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11992أَبُو حَيَّانَ : تَقْرِيرٌ لِوَحْدَانِيَّتِهِ تَعَالَى بِأَدِلَّةٍ سَمَاوِيَّةٍ وَأَرْضِيَّةٍ إِثْرَ تَقْرِيرِهَا بِأَمْثَالٍ ضَرَبَهَا جَلَّ شَأْنُهُ، وَهَذَا
[ ص: 189 ] كَمَا تَرَى، وَالِاسْتِفْهَامُ لِلتَّقْرِيرِ، وَالرُّؤْيَةُ قَلْبِيَّةٌ لِأَنَّ إِنْزَالَ الْمَطَرِ وَإِنْ كَانَ مُدْرَكًا بِالْبَصَرِ لَكِنَّ إِنْزَالَ اللَّهِ تَعَالَى إِيَّاهُ لَيْسَ كَذَلِكَ، وَالْخِطَابُ عَامٌّ، أَيْ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَنْزَلَ مِنْ جِهَةِ الْعُلُوِّ مَاءً
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=27فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَيْ بِذَلِكَ الْمَاءِ عَلَى أَنَّهُ سَبَبٌ عَادِيٌّ لِلْإِخْرَاجِ، وَقِيلَ: أَيْ أَخْرَجْنَا عِنْدَهُ، وَالِالْتِفَاتُ لِإِظْهَارِ كَمَالِ الِاعْتِنَاءِ بِالْفِعْلِ لِمَا فِيهِ مِنَ الصُّنْعِ الْبَدِيعِ الْمُنْبِئِ عَنْ كَمَالِ الْقُدْرَةِ وَالْحِكْمَةِ.
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=27ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا أَيْ أَنْوَاعُهَا مِنَ التُّفَّاحِ وَالرُّمَّانِ وَالْعِنَبِ وَالتِّينِ وَغَيْرِهَا مِمَّا لَا يُحْصَرُ، وَهَذَا كَمَا يُقَالُ فُلَانٌ أَتَى بِأَلْوَانٍ مِنَ الْأَحَادِيثِ وَقَدَّمَ كَذَا لَوْنًا مِنَ الطَّعَامِ، وَاخْتِلَافُ كُلِّ نَوْعٍ بِتَعَدُّدِ أَصْنَافِهِ كَمَا فِي التُّفَّاحِ فَإِنَّ لَهُ أَصْنَافًا مُتَغَايِرَةً لَذَّةً وَهَيْئَةً، وَكَذَا فِي سَائِرِ الثَّمَرَاتِ وَلَا يَكَادُ يُوجَدُ نَوْعٌ مِنْهَا إِلَّا وَهُوَ ذُو أَصْنَافٍ مُتَغَايِرَةٍ، وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ اِخْتِلَافُ كُلِّ نَوْعٍ بِاخْتِلَافِ أَفْرَادِهِ.
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=16298عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ nindex.php?page=showalam&ids=16935وَابْنُ جَرِيرٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16815قَتَادَةَ أَنَّهُ حَمْلُ الْأَلْوَانِ عَلَى مَعْنَاهَا الْمَعْرُوفِ وَاخْتِلَافُهَا بِالصُّفْرَةِ وَالْحُمْرَةِ وَالْخُضْرَةِ وَغَيْرِهَا، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11اِبْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا وَهُوَ الْأَوْفَقُ لِمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=27وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ وَهُوَ إِمَّا عَطْفٌ عَلَى مَا قَبْلَهُ بِحَسَبِ الْمَعْنَى أَوْ حَالٌ وَكَوْنُهُ اِسْتِئْنَافًا مَعَ اِرْتِبَاطِهِ بِمَا قَبْلَهُ غَيْرُ ظَاهِرٍ، وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=27جُدَدٌ جُمَعُ جُدَّةٍ بِالضَّمِّ وَهِيَ الطَّرِيقَةُ مِنْ جَدَّهُ إِذَا قَطَعَهُ، وَقَالَ أَبُو الْفَضْلِ: هِيَ مِنَ الطَّرَائِقِ مَا يُخَالِفُ لَوْنُهُ لَوْنَ مَا يَلِيهِ وَمِنْهُ جُدَّةُ الْحِمَارِ لِلْخَطِّ الَّذِي فِي وَسَطِ ظَهْرِهِ يُخَالِفُ لَوْنَهُ، وَسَأَلَ
اِبْنُ الْأَزْرَقِ nindex.php?page=showalam&ids=11اِبْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا عَنِ الْجُدَدِ فَقَالَ: طَرَائِقُ طَرِيقَةٌ بَيْضَاءُ وَطَرِيقَةٌ خَضْرَاءُ، وَأَنْشَدَ قَوْلَ الشَّاعِرِ:
قَدْ غَادَرَ السَّبُعُ فِي صَفَحَاتِهَا جُدَدًا كَأَنَّهَا طُرُقٌ لَاحَتْ عَلَى أَكَمِ
وَالْكَلَامُ عَلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ إِنْ لَمْ تُقْصَدِ الْمُبَالَغَةُ، لِأَنَّ الْجِبَالَ لَيْسَتْ نَفْسَ الطَّرَائِقِ، أَيْ ذُو جُدَدٍ.
وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزُّهْرِيُّ «جُدُدٌ» بِضَمَّتَيْنِ جَمْعُ جَدِيدَةٍ كَسَفِينَةٍ وَسُفُنٍ وَهِيَ بِمَعْنَى جِدَّةٍ، وَقَالَ صَاحِبُ اللَّوَامِحِ هُوَ جَمْعُ جَدِيدٍ بِمَعْنَى آثَارٍ جَدِيدَةٍ وَاضِحَةِ الْأَلْوَانِ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12078أَبُو عُبَيْدَةَ : لَا مَدْخَلَ لِمَعْنَى الْجَدِيدَةِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ، وَلَعَلَّ مَنْ يَقُولُ بِتَجَدُّدِ حُدُوثِ الْجِبَالِ وَتَكَوُّنِهَا مِنْ مِيَاهٍ تَنْبُعُ مِنَ الْأَرْضِ وَتَتَحَجَّرُ أَوَّلًا فَأَوَّلًا ثُمَّ تَنْبُعُ مِنْ مَوْضِعٍ قَرِيبٍ مِمَّا تَحَجَّرَ فَتَتَحَجَّرُ أَيْضًا، وَهَكَذَا حَتَّى يَحْصُلَ جَبَلٌ لَا يَأْبَى حَمْلَ الْآيَةِ عَلَى هَذِهِ الْقِرَاءَةِ عَلَى مَا ذُكِرَ.
وَالظَّاهِرُ مِنَ الْآيَاتِ وَالْأَخْبَارِ أَنَّ الْجِبَالَ أَحْدَثَهَا اللَّهُ تَعَالَى بُعَيْدَ خَلْقِ الْأَرْضِ لِئَلَّا تَمِيدُ بِسُكَّانِهَا، وَالْفَلَاسِفَةُ يَزْعُمُونَ أَنَّهَا كَانَتْ طِينًا فِي بِحَارٍ اِنْحَسَرَتْ ثُمَّ تَحَجَّرَتْ، وَقَدْ أَطَالَ الْإِمَامُ الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ فِي كِتَابِهِ (اَلْمَبَاحِثِ الْمَشْرِقِيَّةِ) وَاسْتَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ، بِوُجُودِ أَشْيَاءَ بَحْرِيَّةٍ كَالصَّدَفِ بَيْنَ أَجْزَائِهَا، وَهَذَا عِنْدَ تَدْقِيقِ النَّظَرِ هَبَاءٌ وَأَكْثَرُ الْأَدِلَّةِ مُثْلَةً، وَمَنْ أَرَادَ الِاطِّلَاعَ عَلَى مَا قَالُوا فَلْيَرْجِعْ إِلَى كُتُبِهِمْ، وَرُوِيَ عَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ قَرَأَ «جَدَدٌ» بِفَتْحَتَيْنِ وَلَمْ يُجِزْ ذَلِكَ
nindex.php?page=showalam&ids=11970أَبُو حَاتِمٍ ، وَقَالَ: إِنَّ هَذِهِ الْقِرَاءَةَ لَا تَصِحُّ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى وَصَحَّحَهَا غَيْرُهُ وَقَالَ: الْجَدَدُ الطَّرِيقُ الْوَاضِحُ الْمُبِينُ، إِلَّا أَنَّهُ وُضِعَ الْمُفْرِدُ مَوْضِعَ الْجَمْعِ، وَلِذَا وُصِفَ بِالْجَمْعِ، وَقِيلَ هُوَ مِنْ بَابِ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ وَثَوْبٍ أَخْلَاقٍ لِاشْتِمَالِ الطَّرِيقِ عَلَى قَطْعٍ.
وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ غَيْرُ ظَاهِرٍ وَلَا مُنَاسِبٍ لِجَمْعِ الْجِبَالِ
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=27مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا أَيْ أَصْنَافُهَا بِالشِّدَّةِ وَالضَّعْفِ لِأَنَّهَا مَقُولَةٌ بِالتَّشْكِيكِ، فَمُخْتَلِفٌ صِفَةُ بَيْضٍ وَحُمْرٍ، وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=27أَلْوَانُهَا فَاعِلُ لَهُ وَلَيْسَ بِمُبْتَدَأٍ، وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=27مُخْتَلِفٌ خَبَرُهُ لِوُجُوبِ مُخْتَلِفَةٍ حِينَئِذٍ، وَجُوِّزَ أَنْ يَكُونَ صِفَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=27جُدَدٌ وَ ( غَرَابِيبُ ) عَطْفٌ عَلَى
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=27بِيضٌ فَهُوَ مِنْ تَفَاصِيلِ الْجُدُدِ وَالصِّفَاتِ الْقَائِمَةِ بِهَا، أَيْ وَمِنَ
[ ص: 190 ] الْجِبَالِ ذُو جُدُدٍ بِيضٍ وَحُمْرٍ، وَغَرَابِيبُ وَالْغِرْبِيبُ هُوَ الَّذِي أَبْعَدَ فِي السَّوَادِ وَأَغْرَبَ فِيهِ وَمِنْهُ الْغُرَابُ، وَكَثُرَ فِي كَلَامِهِمُ إِتْبَاعُهُ لِلْأَسْوَدِ عَلَى أَنَّهُ صِفَةٌ لَهُ أَوْ تَأْكِيدٌ لَفْظِيٌّ فَقَالُوا أَسْوَدُ غِرْبِيبٌ، كَمَا قَالُوا: أَبْيَضُ يَقَقٌ وَأَصْفَرُ فَاقِعٌ وَأَحْمَرُ قَانٍ.
وَظَاهِرُ كَلَامِ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيِّ أَنَّ ( غَرَابِيبُ ) هُنَا تَأْكِيدٌ لِمَحْذُوفٍ وَالْأَصْلُ وَسُودٌ غَرَابِيبُ أَيْ شَدِيدَةُ السَّوَادِ. وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ إِلَّا عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يُجَوِّزُ حَذْفَ الْمُؤَكَّدِ، وَمِنَ النُّحَاةِ مَنْ مَنَعَ ذَلِكَ وَهُوَ اِخْتِيَارُ
اِبْنِ مَالِكٍ لِأَنَّ التَّأْكِيدَ يَقْتَضِي الِاعْتِنَاءَ وَالتَّقْوِيَةَ وَقَصْدَ التَّطْوِيلِ وَالْحَذْفَ يَقْتَضِي خِلَافَهُ، وَرَدَّهُ الصَّفَّارُ كَمَا فِي (شَرْحِ التَّسْهِيلِ) لِأَنَّ الْمَحْذُوفَ لِدَلِيلٍ كَالْمَذْكُورِ فَلَا يُنَافِي تَأْكِيدَهُ، وَفِي بَعْضِ شُرُوحِ (اَلْمُفَصَّلِ) أَنَّهُ صِفَةٌ لِذَلِكَ الْمَحْذُوفِ أُقِيمَ مَقَامَهُ بَعْدَ حَذْفِهِ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=27سُودٌ بَدَلٌ مِنْهُ أَوْ عَطْفُ بَيَانٍ لَهُ، وَهُوَ مُفَسِّرٌ لِلْمَحْذُوفِ، وَنَظِيرُ ذَلِكَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=8572النَّابِغَةِ :
وَالْمُؤْمِنِ الْعَائِذَاتِ الطَّيْرِ يَمْسَحُهَا رُكْبَانُ مَكَّةَ بَيْنَ الْغَيْلِ وَالسَّنَدِ
وَفِيهِ التَّفْسِيرُ بَعْدَ الْإِبْهَامِ وَمَزِيدُ الِاعْتِنَاءِ بِوَصْفِ السَّوَادِ حَيْثُ دَلَّ عَلَيْهِ مِنْ طَرِيقِ الْإِضْمَارِ وَالْإِظْهَارِ.
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْعَطْفُ عَلَى
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=27جُدَدٌ عَلَى مَعْنَى: وَمِنَ الْجِبَالِ ذُو جُدُدٍ مُخْتَلِفِ اللَّوْنِ وَمِنْهَا غَرَابِيبُ مُتَّحِدَةُ اللَّوْنِ كَمَا يُؤْذِنُ بِهِ الْمُقَابَلَةُ، وَإِخْرَاجُ التَّرْكِيبِ عَلَى الْأُسْلُوبِ الَّذِي سَمِعْتَهُ، وَكَأَنَّهُ لَمَّا اِعْتَنَى بِأَمْرِ السَّوَادِ بِإِفَادَةِ أَنَّهُ فِي غَايَةِ الشِّدَّةِ لَمْ يَذْكُرْ بَعْدَهُ الِاخْتِلَافَ بِالشِّدَّةِ وَالضَّعْفِ.
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14888الْفَرَّاءُ : الْكَلَامُ عَلَى التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ، أَيْ سُودٌ غَرَابِيبُ، وَقِيلَ لَيْسَ هُنَاكَ مُؤَكَّدٌ وَلَا مَوْصُوفٌ مَحْذُوفٌ، وَإِنَّمَا ( غَرَابِيبُ ) مَعْطُوفٌ عَلَى
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=27جُدَدٌ أَوْ عَلَى
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=27بِيضٌ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=27سُودٌ بَدَلٌ مِنْهُ.
قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَهَذَا حَسَنٌ وَيُحَسِّنُهُ كَوْنُ غِرْبِيبٍ لَمْ يَلْزَمْ فِيهِ أَنْ يُسْتَعْمَلَ تَأْكِيدًا، وَمِنْهُ مَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُبْغِضُ الشَّيْخَ الْغِرْبِيبَ وَهُوَ الَّذِي يُخَضِّبُ بِالسَّوَادِ، وَفَسَّرَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12569اِبْنُ الْأَثِيرِ بِاَلَّذِي لَا يَشِيبُ أَيْ لِسَفَاهَتِهِ أَوْ لِعَدَمِ اِهْتِمَامِهِ بِأَمْرِ آخِرَتِهِ، وَحُكِيَ مَا فِي الْبَحْرِ بِصِيغَةِ قِيلَ، وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
الْعَيْنُ طَامِحَةٌ وَالْيَدُ شَامِخَةٌ وَالرِّجْلُ لَائِحَةٌ وَالْوَجْهُ غِرْبِيبُ