nindex.php?page=treesubj&link=29677_33679_29007nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=9وجعلنا عطف على
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=8جعلنا السابق
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=9من بين أيديهم من قدامهم
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=9سدا عظيما، وقيل نوعا من السد
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=9ومن خلفهم من ورائهم
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=9سدا كذلك والقدام والوراء كناية عن جميع الجهات
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=9فأغشيناهم فغطينا بما جعلناه من السد أبصارهم، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=9فأغشيناهم فألبسنا أبصارهم غشاوة
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=9فهم بسبب ذلك
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=9لا يبصرون لا يقدرون على إبصار شيء ما أصلا.
وقرأ جمع من السبعة وغيرهم «سدا» بضم السين وهي لغة فيه، وقيل ما كان من عمل الناس فهو بالفتح وما كان من خلق الله تعالى فهو بالضم، وقيل بالعكس، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=16673وعمر بن عبد العزيز nindex.php?page=showalam&ids=17344وابن يعمر nindex.php?page=showalam&ids=16584وعكرمة nindex.php?page=showalam&ids=12354والنخعي nindex.php?page=showalam&ids=16972وابن سيرين nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن nindex.php?page=showalam&ids=12004وأبو رجاء nindex.php?page=showalam&ids=15948وزيد بن علي nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة ويزيد البربري ويزيد بن المهلب nindex.php?page=showalam&ids=13548وابن مقسم «فأعشيناهم» بالعين من العشا وهو ضعف البصر، ومجموع المتعاطفين من قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=8إنا جعلنا إلخ تأكيد وتقرير لما دل عليه قوله سبحانه:
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=7لقد حق القول على أكثرهم إلخ من
[ ص: 216 ] سوء اختيارهم وقبح حالهم، فإن جعل الله تعالى إياهم بما أظهر فيهم من الإعجاب العظيم بأنفسهم مستكبرين عن اتباع الرسل عليهم السلام شامخين برؤوسهم غير خاضعين لما جاؤوا به وسد أبواب النظر فيما ينفعهم عليهم بالكلية ليس إلا لأنهم سيئو الاختيار وقبيحو الأحوال قد عشقت ذواتهم ما هم عليه عشقا ذاتيا وطلبته طلبا استعداديا، فلم تكن لها قابلية لغيره، ولم تلتفت إلى ما سواه، وإذا قايست بين ذواتهم وما هم عليه وبين الجسم والحيز أو الثلاثة والفردية مثلا لم تكد تجد فرقا
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=33وما ظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون [النحل: 33].
ففي الكلام تشبيهات متعددة كما لوحنا إليه، وهذا الوجه هو الذي يقتضيه ما عليه كثير من الأجلة وإن لم يذكروه في الآية، وفي الانتصاف إذا فرق التشبيه كان تصميمهم على الكفر مشبها بالأغلال وكان استكبارهم عن قبول الحق والتواضع لاستماعه مشبها بالإقماح لأن المقمح لا يطأطأ رأسه.
وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=8فهي إلى الأذقان تتمة للزوم الإقماح لهم وكان عدم النظر في أحوال الأمم الخالية مشبها بسد من خلفهم، وعدم النظر في العواقب المستقبلة مشبها بسد من قدامهم، وفي التيسير جمع الأيدي إلى الأذقان بالأغلال عبارة عن منع التوفيق حتى استكبروا عن الحق لأن المتكبر يوصف برفع العنق والمتواضع بضده كما في قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=4فظلت أعناقهم لها خاضعين [الشعراء: 4] ولم يذكر المراد بجعل السد، وذكر الإمام أن المانع عن النظر في الآيات قسمان قسم يمنع عن النظر في الأنفس فشبه ذلك بالغل الذي يجعل صاحبه مقمحا لا يرى نفسه ولا يقع بصره على بدنه وقسم يمنع عن النظر في الآفاق فشبه ذلك بالسد المحيط فإن المحاط بالسد لا يقع نظره على الآفاق فلا يظهر له ما فيها من الآيات، فمن ابتلي بهما حرم عن النظر بالكلية، واختار بعضهم كون
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=8إنا جعلنا إلخ تمثيلا مسوقا لتقرير تصميمهم على الكفر وعدم ارعوائهم عنه فيكون قد مثل حالهم في ذلك بحال الذين غلت أعناقهم، وجوز في قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=9وجعلنا إلخ أن يكون تتمة لذلك وتكميلا له، وأن يكون تمثيلا مستقلا فإن جعلهم محصورين بين سدين هائلين قد غطيا أبصارهم بحيث لا يبصرون شيئا قطعا كاف في الكشف عن كمال فظاعة حالهم وكونهم محبوسين في مطمورة الغي والجهالات.
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11992أبو حيان الظاهر أن قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=8إنا جعلنا الآية على حقيقتها لما أخبر تعالى أنهم لا يؤمنون أخبر سبحانه عن شيء من أحوالهم في الآخرة إذا دخلوا النار، والتعبير بالماضي لتحقق الوقوع، ولا يضعف هذا كما زعم
nindex.php?page=showalam&ids=13366ابن عطية قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=9فأغشيناهم فهم لا يبصرون لأن بصر الكافر يومئذ حديد يرى قبح حاله، ألا ترى إلى قوله سبحانه:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=97ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عميا [الإسراء: 97] وقوله سبحانه:
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=125قال رب لم حشرتني أعمى [طه: 125] فإما أن يكون ذلك حالين، وإما أن يكون قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=22فبصرك اليوم حديد [ق: 22] كناية عن إدراكه ما يؤول إليه حتى كأنه يبصره، واعترض بعضهم عليه بأنه يلزم أن يكون الكلام أجنبيا في البين وتوجيهه بأنه كالبيان لقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=7لقد حق القول على أكثرهم قد دغدغ فيه، والإنصاف أنه خلاف الظاهر.
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14676الضحاك nindex.php?page=showalam&ids=14888والفراء في قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=8إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا استعارة لمنعهم من النفقة في سبيل الله تعالى كما قال سبحانه:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=29ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك [الإسراء: 29] ولعله جعل الجملة الثانية استعارة لمنعهم عن رؤية الخير والسعي فيه، ولا يخفى أن كون الكلام على هذا أجنبيا في البين في غاية الظهور.
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=13507ابن مردويه nindex.php?page=showalam&ids=12181وأبو نعيم في الدلائل
عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في المسجد فيجهر بالقراءة فتأذى به ناس من قريش حتى قاموا ليأخذوه فإذا أيديهم مجموعة إلى أعناقهم وإذا هم لا يبصرون فجاؤوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: ننشدك الله تعالى والرحم يا محمد، قال ولم يكن بطن من بطون قريش إلا وللنبي صلى الله عليه وسلم فيهم قرابة، [ ص: 217 ] فدعا النبي عليه الصلاة والسلام حتى ذهب ذلك عنهم فنزلت nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=1يس nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=2والقرآن الحكيم إلى قوله سبحانه nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=10أم لم تنذرهم لا يؤمنون فلم يؤمن من ذلك النفر أحد.
وروي أن الآيتين نزلتا في
بني مخزوم وذلك أن
أبا جهل حمل حجرا لينال بها ما يريد برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي فأثبتت يده إلى عنقه حتى عاد إلى أصحابه والحجر قد لزق بيده فما فكوه إلا بجهد فأخذه مخزومي آخر فلما دنا من الرسول صلى الله عليه وسلم طمس الله تعالى بصره فعاد إلى أصحابه فلم يبصرهم حتى نادوه فقام ثالث فقال: لأشدخن أنا رأسه ثم أخذ الحجر وانطلق فرجع القهقرى ينكص على عقبيه حتى خر على قفاه مغشيا عليه فقيل له: ما شأنك؟ قال: عظيما رأيت الرجل فلما دنوت منه فإذا فحل ما رأيت فحلا أعظم منه حال بيني وبينه فواللات والعزى لو دنوت منه لأكلني.
فجعل الغل يكون استعارة عن منع من أراد أذاه عليه الصلاة والسلام وجعل السد استعارة عن سلب قوة الأبصار كما قيل.
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : السد ظلمة حالت فمنعت الرؤية، وجاء في الآثار غير ذلك مما يقرب منه، والربط عليها غير ظاهر، ولعله باعتبار إشارة الآيتين إلى ما هو عليه من التصميم على الكفر وشدة العناد، ومع هذا الأرجح في نظر البليغ حمل الكلام على غير ما تقتضيه ظواهر الآثار مما سمعت، وليس فيها ما ينافيه عند التحقيق، فتأمل.
nindex.php?page=treesubj&link=29677_33679_29007nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=9وَجَعَلْنَا عَطْفٌ عَلَى
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=8جَعَلْنَا السَّابِقِ
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=9مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ مِنْ قُدَّامِهِمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=9سَدًّا عَظِيمًا، وَقِيلَ نَوْعًا مِنَ السَّدِّ
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=9وَمِنْ خَلْفِهِمْ مِنْ وَرَائِهِمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=9سَدًّا كَذَلِكَ وَالْقُدَّامُ وَالْوَرَاءُ كِنَايَةٌ عَنْ جَمِيعِ الْجِهَاتِ
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=9فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَغَطَّيْنَا بِمَا جَعَلْنَاهُ مِنَ السَّدِّ أَبْصَارَهُمْ، وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16879مُجَاهِدٍ nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=9فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَأَلْبَسْنَا أَبْصَارَهُمْ غِشَاوَةً
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=9فَهُمْ بِسَبَبِ ذَلِكَ
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=9لا يُبْصِرُونَ لَا يَقْدِرُونَ عَلَى إِبْصَارِ شَيْءٍ مَا أَصْلًا.
وَقَرَأَ جَمْعٌ مِنَ السَّبْعَةِ وَغَيْرُهُمْ «سُدًّا» بِضَمِّ السِّينِ وَهِيَ لُغَةٌ فِيهِ، وَقِيلَ مَا كَانَ مِنْ عَمَلِ النَّاسِ فَهُوَ بِالْفَتْحِ وَمَا كَانَ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى فَهُوَ بِالضَّمِّ، وَقِيلَ بِالْعَكْسِ، وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=11اِبْنُ عَبَّاسٍ nindex.php?page=showalam&ids=16673وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ nindex.php?page=showalam&ids=17344وَابْنُ يَعْمُرَ nindex.php?page=showalam&ids=16584وَعِكْرِمَةُ nindex.php?page=showalam&ids=12354وَالنَّخْعِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=16972وَابْنُ سِيرِينَ nindex.php?page=showalam&ids=14102وَالْحَسَنُ nindex.php?page=showalam&ids=12004وَأَبُو رَجَاءٍ nindex.php?page=showalam&ids=15948وَزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ nindex.php?page=showalam&ids=11990وَأَبُو حَنِيفَةَ وَيَزِيدُ الْبَرْبَرِيُّ وَيَزِيدُ بْنُ الْمُهَلَّبِ nindex.php?page=showalam&ids=13548وَابْنُ مُقْسِمٍ «فَأَعْشَيْنَاهُمْ» بِالْعَيْنِ مِنَ الْعَشَا وَهُوَ ضَعْفُ الْبَصَرِ، وَمَجْمُوعُ الْمُتَعَاطِفَيْنِ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=8إِنَّا جَعَلْنَا إلخ تَأْكِيدٌ وَتَقْرِيرٌ لِمَا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=7لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ إلخ مِنْ
[ ص: 216 ] سُوءِ اِخْتِيَارِهِمْ وَقُبْحِ حَالِهِمْ، فَإِنْ جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى إِيَّاهُمْ بِمَا أَظْهَرَ فِيهِمْ مِنَ الْإِعْجَابِ الْعَظِيمِ بِأَنْفُسِهِمْ مُسْتَكْبِرِينَ عَنِ اِتِّبَاعِ الرُّسُلِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ شَامِخِينَ بِرُؤُوسِهِمْ غَيْرَ خَاضِعِينَ لِمَا جَاؤُوا بِهِ وَسَدَّ أَبْوَابَ النَّظَرِ فِيمَا يَنْفَعُهُمْ عَلَيْهِمْ بِالْكُلِّيَّةِ لَيْسَ إِلَّا لِأَنَّهُمْ سَيِّئُو الِاخْتِيَارِ وَقَبِيحُو الْأَحْوَالِ قَدْ عَشِقَتْ ذَوَاتُهُمْ مَا هُمْ عَلَيْهِ عِشْقًا ذَاتِيًّا وَطَلَبَتْهُ طَلَبًا اِسْتِعْدَادِيًّا، فَلَمْ تَكُنْ لَهَا قَابِلِيَّةٌ لِغَيْرِهِ، وَلَمْ تَلْتَفِتْ إِلَى مَا سِوَاهُ، وَإِذَا قَايَسَتْ بَيْنَ ذَوَاتِهِمْ وَمَا هُمْ عَلَيْهِ وَبَيْنَ الْجِسْمِ وَالْحَيِّزِ أَوِ الثَّلَاثَةِ وَالْفَرْدِيَّةِ مَثَلًا لَمْ تَكَدْ تَجِدْ فَرْقًا
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=33وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ [اَلنَّحْلِ: 33].
فَفِي الْكَلَامِ تَشْبِيهَاتٌ مُتَعَدِّدَةٌ كَمَا لَوَّحْنَا إِلَيْهِ، وَهَذَا الْوَجْهُ هُوَ الَّذِي يَقْتَضِيهِ مَا عَلَيْهِ كَثِيرٌ مِنَ الْأَجِلَّةِ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرُوهُ فِي الْآيَةِ، وَفِي الِانْتِصَافِ إِذَا فُرِّقَ التَّشْبِيهُ كَانَ تَصْمِيمُهُمْ عَلَى الْكُفْرِ مُشَبَّهًا بِالْأَغْلَالِ وَكَانَ اِسْتِكْبَارُهُمْ عَنْ قَبُولِ الْحَقِّ وَالتَّوَاضُعِ لِاسْتِمَاعِهِ مُشَبَّهًا بِالْإِقْمَاحِ لِأَنَّ الْمُقْمَحَ لَا يُطَأْطَأُ رَأْسُهُ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=8فَهِيَ إِلَى الأَذْقَانِ تَتِمَّةٌ لِلُزُومِ الْإِقْمَاحِ لَهُمْ وَكَانَ عَدَمُ النَّظَرِ فِي أَحْوَالِ الْأُمَمِ الْخَالِيَةِ مُشَبَّهًا بِسَدٍّ مِنْ خَلْفِهِمْ، وَعَدَمُ النَّظَرِ فِي الْعَوَاقِبِ الْمُسْتَقْبَلَةِ مُشَبَّهًا بِسَدٍّ مِنْ قُدَّامِهِمْ، وَفِي التَّيْسِيرِ جَمْعُ الْأَيْدِي إِلَى الْأَذْقَانِ بِالْأَغْلَالِ عِبَارَةٌ عَنْ مَنْعِ التَّوْفِيقِ حَتَّى اِسْتَكْبَرُوا عَنِ الْحَقِّ لِأَنَّ الْمُتَكَبِّرَ يُوصَفُ بِرَفْعِ الْعُنُقِ وَالْمُتَوَاضِعَ بِضِدِّهِ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=4فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ [اَلشُّعَرَاءِ: 4] وَلَمْ يُذْكَرِ الْمُرَادُ بِجَعْلِ السَّدِّ، وَذَكَرَ الْإِمَامُ أَنَّ الْمَانِعَ عَنِ النَّظَرِ فِي الْآيَاتِ قِسْمَانِ قِسْمٌ يَمْنَعُ عَنِ النَّظَرِ فِي الْأَنْفُسِ فَشَبَّهَ ذَلِكَ بِالْغُلِّ الَّذِي يَجْعَلُ صَاحِبَهُ مُقْمَحًا لَا يَرَى نَفْسَهُ وَلَا يَقَعُ بَصَرُهُ عَلَى بَدَنِهِ وَقِسْمٌ يَمْنَعُ عَنِ النَّظَرِ فِي الْآفَاقِ فَشَبَّهَ ذَلِكَ بِالسَّدِّ الْمُحِيطِ فَإِنَّ الْمُحَاطَ بِالسَّدِّ لَا يَقَعُ نَظَرُهُ عَلَى الْآفَاقِ فَلَا يَظْهَرُ لَهُ مَا فِيهَا مِنَ الْآيَاتِ، فَمَنِ اُبْتُلِيَ بِهِمَا حُرِمَ عَنِ النَّظَرِ بِالْكُلِّيَّةِ، وَاخْتَارَ بَعْضُهُمْ كَوْنَ
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=8إِنَّا جَعَلْنَا إلخ تَمْثِيلًا مَسُوقًا لِتَقْرِيرِ تَصْمِيمِهِمْ عَلَى الْكُفْرِ وَعَدَمِ اِرْعُوَائِهِمْ عَنْهُ فَيَكُونُ قَدْ مَثَّلَ حَالَهُمْ فِي ذَلِكَ بِحَالِ الَّذِينَ غُلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ، وَجُوِّزَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=9وَجَعَلْنَا إلخ أَنْ يَكُونَ تَتِمَّةً لِذَلِكَ وَتَكْمِيلًا لَهُ، وَأَنْ يَكُونَ تَمْثِيلًا مُسْتَقِلًّا فَإِنَّ جَعْلَهُمْ مَحْصُورِينَ بَيْنَ سَدَّيْنِ هَائِلَيْنِ قَدْ غَطَّيَا أَبْصَارَهُمْ بِحَيْثُ لَا يُبْصِرُونَ شَيْئًا قِطْعًا كَافٍ فِي الْكَشْفِ عَنْ كَمَالِ فَظَاعَةِ حَالِهِمْ وَكَوْنِهِمْ مَحْبُوسِينَ فِي مَطْمُورَةِ الْغَيِّ وَالْجَهَالَاتِ.
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11992أَبُو حَيَّانَ الظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=8إِنَّا جَعَلْنَا الْآيَةَ عَلَى حَقِيقَتِهَا لَمَّا أَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ أَخْبَرَ سُبْحَانَهُ عَنْ شَيْءٍ مِنْ أَحْوَالِهِمْ فِي الْآخِرَةِ إِذَا دَخَلُوا النَّارَ، وَالتَّعْبِيرُ بِالْمَاضِي لِتَحَقُّقِ الْوُقُوعِ، وَلَا يُضَعِّفُ هَذَا كَمَا زَعَمَ
nindex.php?page=showalam&ids=13366اِبْنُ عَطِيَّةَ قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=9فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ لِأَنَّ بَصَرَ الْكَافِرِ يَوْمَئِذٍ حَدِيدٌ يَرَى قُبْحَ حَالِهِ، أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=97وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا [اَلْإِسْرَاءِ: 97] وَقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=125قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى [طه: 125] فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ حَالَيْنِ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=22فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ [ق: 22] كِنَايَةً عَنْ إِدْرَاكِهِ مَا يَؤُولُ إِلَيْهِ حَتَّى كَأَنَّهُ يُبْصِرُهُ، وَاعْتَرَضَ بَعْضُهُمْ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْكَلَامُ أَجْنَبِيًّا فِي الْبَيْنِ وَتَوْجِيهُهُ بِأَنَّهُ كَالْبَيَانِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=7لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ قَدْ دَغْدَغَ فِيهِ، وَالْإِنْصَافُ أَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ.
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14676الضَّحَّاكُ nindex.php?page=showalam&ids=14888وَالْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=8إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلالا اِسْتِعَارَةٌ لِمَنْعِهِمْ مِنَ النَّفَقَةِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=29وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ [اَلْإِسْرَاءِ: 29] وَلَعَلَّهُ جَعَلَ الْجُمْلَةَ الثَّانِيَةَ اِسْتِعَارَةً لِمَنْعِهِمْ عَنْ رُؤْيَةِ الْخَيْرِ وَالسَّعْيِ فِيهِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ كَوْنَ الْكَلَامِ عَلَى هَذَا أَجْنَبِيًّا فِي الْبَيْنِ فِي غَايَةِ الظُّهُورِ.
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=13507اِبْنُ مَرْدَوَيْهِ nindex.php?page=showalam&ids=12181وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي الدَّلَائِلِ
عَنِ nindex.php?page=showalam&ids=11اِبْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الْمَسْجِدِ فَيَجْهَرُ بِالْقِرَاءَةِ فَتَأَذَّى بِهِ نَاسٌ مِنْ قُرَيْشٍ حَتَّى قَامُوا لِيَأْخُذُوهُ فَإِذَا أَيْدِيهُمْ مَجْمُوعَةٌ إِلَى أَعْنَاقِهِمْ وَإِذَا هُمْ لَا يُبْصِرُونَ فَجَاؤُوا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: نَنْشُدُكَ اللَّهَ تَعَالَى وَالرَّحِمَ يَا مُحَمَّدُ، قَالَ وَلَمْ يَكُنْ بَطْنٌ مِنْ بُطُونِ قُرَيْشٍ إِلَّا وَلِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِمْ قَرَابَةٌ، [ ص: 217 ] فَدَعَا النَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ حَتَّى ذَهَبَ ذَلِكَ عَنْهُمْ فَنَزَلَتْ nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=1يس nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=2وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ إِلَى قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=10أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ فَلَمْ يُؤْمِنْ مِنْ ذَلِكَ النَّفَرِ أَحَدٌ.
وَرُوِيَ أَنَّ الْآيَتَيْنِ نَزَلَتَا فِي
بَنِي مَخْزُومٍ وَذَلِكَ أَنَّ
أَبَا جَهْلٍ حَمَلَ حَجَرًا لِيَنَالَ بِهَا مَا يُرِيدُ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُصَلِّي فَأَثْبَتَتْ يَدَهُ إِلَى عُنُقِهِ حَتَّى عَادَ إِلَى أَصْحَابِهِ وَالْحَجَرُ قَدْ لَزِقَ بِيَدِهِ فَمَا فَكُّوهُ إِلَّا بِجُهْدٍ فَأَخَذَهُ مَخْزُومِيٌّ آخَرُ فَلَمَّا دَنَا مِنَ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَمَسَ اللَّهُ تَعَالَى بَصَرَهُ فَعَادَ إِلَى أَصْحَابِهِ فَلَمْ يُبْصِرْهُمْ حَتَّى نَادَوْهُ فَقَامَ ثَالِثٌ فَقَالَ: لَأَشْدَخَنَّ أَنَا رَأْسَهُ ثُمَّ أَخَذَ الْحَجَرَ وَانْطَلَقَ فَرَجَعَ الْقَهْقَرَى يَنْكِصُ عَلَى عَقِبَيْهِ حَتَّى خَرَّ عَلَى قَفَاهُ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ فَقِيلَ لَهُ: مَا شَأْنُكَ؟ قَالَ: عَظِيمًا رَأَيْتُ الرَّجُلَ فَلَمَّا دَنَوْتُ مِنْهُ فَإِذَا فَحْلٌ مَا رَأَيْتُ فَحْلًا أَعْظَمَ مِنْهُ حَالَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ فَوَاللَّاتِ وَالْعُزَّى لَوْ دَنَوْتُ مِنْهُ لَأَكَلَنِي.
فَجَعْلُ الْغُلِّ يَكُونُ اِسْتِعَارَةً عَنْ مَنْعِ مَنْ أَرَادَ أَذَاهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَجَعْلُ السَّدِّ اِسْتِعَارَةً عَنْ سَلْبِ قُوَّةِ الْأَبْصَارِ كَمَا قِيلَ.
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيُّ : السَّدُّ ظَلَمَةٌ حَالَتْ فَمَنَعَتِ الرُّؤْيَةَ، وَجَاءَ فِي الْآثَارِ غَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا يَقْرَبُ مِنْهُ، وَالرَّبْطُ عَلَيْهَا غَيْرُ ظَاهِرٍ، وَلَعَلَّهُ بِاعْتِبَارِ إِشَارَةِ الْآيَتَيْنِ إِلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ مِنَ التَّصْمِيمِ عَلَى الْكُفْرِ وَشِدَّةِ الْعِنَادِ، وَمَعَ هَذَا الْأَرْجَحُ فِي نَظَرِ الْبَلِيغِ حَمْلُ الْكَلَامِ عَلَى غَيْرِ مَا تَقْتَضِيهِ ظَوَاهِرُ الْآثَارِ مِمَّا سَمِعْتَ، وَلَيْسَ فِيهَا مَا يُنَافِيهِ عِنْدَ التَّحْقِيقِ، فَتَأَمَّلْ.