قيل ادخل الجنة استئناف لبيان ما وقع له بعد قوله ذلك، والظاهر أن الأمر إذن له بدخول الجنة حقيقة، وفي ذلك إشارة إلى أن الرجل قد فارق الدنيا فعن أنه بعد أن قال ما قال قتلوه بوطء الأرجل حتى خرج قصبه من دبره وألقي في بئر؛ وهي الرس، وقال ابن مسعود رموه بالحجارة وهو يقول: اللهم اهد قومي حتى مات، وقال السدي: رموه في حفرة وردوا التراب عليه فمات، وعن الكلبي: حرقوه حتى مات وعلقوه في بر المدينة وقبره في سور الحسن أنطاكية، وقيل: نشروه بالمنشار حتى خرج من بين رجليه.
ودخوله الجنة بعد الموت دخول روحه وطوافها فيها كدخول سائر الشهداء، وقيل: الأمر للتبشير لا للإذن بالدخول حقيقة. قالت له ملائكة الموت ذلك بشارة له بأنه من أهل الجنة يدخلها إذا دخلها المؤمنون بعد البعث، وحكي نحو ذلك عن مجاهد.
أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عنه أنه قال في قوله تعالى: وابن أبي حاتم قيل ادخل الجنة وجبت له الجنة، وجاء في رواية عن أنه قال: لما أراد قومه قتله رفعه الله تعالى إلى السماء حيا كما رفع الحسن عيسى عليه السلام إلى السماء فهو في الجنة لا يموت إلا بفناء السماء وهلاك الجنة، فإذا أعاد الله تعالى الجنة أعيد له دخولها؛ فالأمر كما في الأول، والجمهور على أنه قتل، وادعى ابن عطية أنه تواتر الأخبار والروايات بذلك، وقول أدخله الله تعالى الجنة وهو فيها حي يرزق ليس نصا في نفي القتل. وفي البحر أنه أراد [ ص: 229 ] بقوله وهو فيها حي يرزق قوله تعالى: قتادة بل أحياء عند ربهم يرزقون [آل عمران: 169] وقال بعضهم: الجملة جواب سؤال مقدر كأنه قيل: ما حاله عند لقاء ربه عز وجل بعد ذلك التصلب في دينه. فقيل: قيل: أدخل الجنة، والتعبير بالماضي لتحقق الوقوع، ولعل الأولى ما أشرنا إليه أولا، وإنما لم يقل: قيل له لأن الغرض المهم بيان المقول لا القائل والمقول له.