بل الله فاعبد رد لما أمروه به من استلام بعض آلهتهم ، والفاء جزائية في جواب شرط مقدر كأنه قيل : إن كنت عابدا أو عاقلا فاعبد الله فحذف الشرط وجعل تقديم المفعول عوضا عنه ، وإلى هذا ذهب وسلفه في كونها جزائية الزمخشري ، وأنكر الزجاج كون التقديم عوضا عن الشرط ، ومذهب أبو حيان الفراء أن الفاء زائدة بين المؤكد والمؤكد والاسم الجليل منصوب بفعل محذوف والتقدير الله أعبد فاعبده وقدر مؤخرا ليفيد الحصر . والكسائي
وفي الانتصاف مقتضى كلام أن الأصل تنبه فاعبد الله فخذفوا الفعل الأول اختصارا واستنكروا الابتداء بالفاء ومن شأنها التوسط بين المعطوف والمعطوف عليه فقدموا المفعول فصارت الفاء متوسطة لفظا ودالة على المحذوف وانضاف إليها فائدة الحصر لإشعار التقديم بالاختصاص ، واعتبار الاختصاص قيل : مما لا بد منه لأنه لم يكن الكلام ردا عليهم فيما أمروه به لولاه فإنهم لم يطلبوا منه عليه الصلاة والسلام ترك عبادة الله سبحانه بل استلام آلهتهم والشرك به عز وجل اللهم إلا أن يقال : عبادة الله سبحانه مع الشرك [ ص: 25 ] كلا عبادة ، والله جل وعلا أغنى الشركاء فمن أشرك في عمله أحدا معه عز وجل فعمله لمن أشرك كما يدل عليه كثير من الأخبار ، وقرأ سيبويه عيسى «بل الله » بالرفع وكن من الشاكرين إنعامه تعالى عليك الذي يضيق عنه نطاق الحصر ، وفيه إشارة إلى موجب الاختصاص