اليوم تجزى جوابا عنه يعني إنما اختص الملك به تعالى لأنه وحده يقدر على مجازاة كل نفس بما كسبت وله العدل التام فلا يظلم أحدا وله التصرف فلا يشغله شأن عن شأن فيسرع الحساب ، ولو أوقع لله الواحد القهار جوابا عن أهل المحشر لم يحسن هذا الاستئناف . انتهى . وفيه ما فيه .
والحق أن قوله تعالى : اليوم تجزى كل نفس .. إلخ . إن كان من كلام المجيب كما هو ظاهر حديث بعد أن يكون من الناس ، وجوز فيه أن لا يكون من تتمة الجواب بل هو حكاية لما سيقوله تعالى في ذلك [ ص: 58 ] اليوم عقيب السؤال والجواب . وأيا ما كان فتخصيص الملك به تعالى في ذلك اليوم إنما هو بالنظر إلى ظاهر الحال من زوال الأسباب وارتفاع الوسائط وظهور ذلك للكفرة والجهلة . وأما حقيقة الحال فناطقة بذلك دائما . وذهب ابن مسعود إلى أن السؤال والجواب منه تعالى ويكونان بين النفختين حين يفني عز وجل الخلائق . وروي نحوه عن محمد بن كعب القرظي . ابن عباس
أخرج في زوائد الزهد عبد بن حميد وابن أبي حاتم وصححه والحاكم في الحلية عنه رضي الله تعالى عنه قال : «ينادي مناد بين يدي الساعة يا أيها الناس أتتكم الساعة فيسمعها الأحياء والأموات وينزل الله سبحانه إلى السماء الدنيا فيقول : لمن الملك اليوم لله الواحد القهار » والسياق ظاهر في أن ذلك يوم القيامة فلعله على تقدير صحة الحديث يكون مرتين . ومعنى جزاء النفوس بما كسبت أنها تجزى خيرا إن كسبت خيرا وشرا إن كسبت شرا . وقيل : إن النفوس تكتسب بالعقائد والأعمال هيئات توجب لذتها وألمها لكنها لا تشعر بها في الدنيا فإذا قامت قيامتها وزالت العوائق أدركت ألمها ولذتها . والظاهر أن هذا قول باللذة والألم الروحانيين ونحن لا ننكر حصولهما يومئذ لكن نقول : إن الجزاء لا ينحصر بهما بل يكون أيضا بلذة وألم جسمانيين . فالاقتصار في تفسير الآية على ذلك قصور . وأبو نعيم