فكم لله من لطف خفي يدق خفاه عن فهم الذكي
والحرث في الأصل إلقاء البذر في الأرض يطلق على الزرع الحاصل منه، ويستعمل في ثمرات الأعمال ونتائجها بطريق الاستعارة المبنية على تشبيهها بالغلال الحاصلة من البذور المتضمن لتشبيه الأعمال بالبذور أي من كان يريد بأعماله ثواب الآخرة نضاعف له ثوابه بالواحد عشرة إلى سبعمائة فما فوقها ومن كان يريد بأعماله حرث الدنيا وهو متاعها وطيباتها نؤته منها أي شيئا منها حسبما قدرناه له بطلبه وإرادته وما له في الآخرة من نصيب إذ كانت همته مقصورة على الدنيا وقرأ ابن مقسم والزعفراني ومحبوب [ ص: 28 ] والمنقري كلاهما عن (يزد) و (يؤته) بالياء فيهما، وقرأ سلام (نؤته) بضم الهاء وهي لغة أهل أبي عمرو الحجاز وقد جاء في الآية فعل الشرط ماضيا والجواب مضارعا مجزوما قال : ولا نعلم خلافا في جواز الجزم في مثل ذلك وأنه فصيح مختار مطلقا إلا ما ذكره صاحب كتاب الإعراب أبو حيان أبو الحكم بن عذرة عن بعض النحويين أنه لا يجيء في الفصيح إلا إذا كان فعل الشرط كان، وإنما يجيء معها لأنها أصل الأفعال ونص كلام والجماعة أنه لا يختص بكان بل سائر الأفعال مثلها في ذلك وأنشد سيبويه سيبويه للفرزدق :
دست رسولا بأن القوم إن قدروا عليك يشفوا صدورا ذات توغير
وقال أيضا:
تعش فإن عاهدتني لا تخونني نكن مثل من يا ذئب يصطحبان